وقيل أبو الوليد، أحد أشراف قريش في الجاهلية، وإليه كانت القبة والأعنة في الجاهلية. فأما «القبة» فإنهم كانوا يضربونها ثم يجمعون إليها ما يجهّزون به الجيش وأما «الأعنّة» فإنه كان يكون على خيل قريش في الحروب. واختلف في وقت إسلامه وهجرته، فقيل كان إسلامه سنة خمس بعد فراغ رسول الله صلّى الله عليه وسلم من بني قريظة، وقيل بعد الحديبية، وقيل بين الحديبية وخيبر في ذي القعدة سنة ست، وخيبر بعدها في المحرم سنة سبع، وقيل كان إسلامه سنة ثمان مع عمرو بن العاص وعثمان بن طلحة، فلما رآهم رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: رمتكم مكة بأفلاذ كبدها. ولم يزل من حين أسلم يولّيه رسول الله صلّى الله عليه وسلم أعنة الخيل فيكون في مقدمتها في محاربة العرب. وشهد مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم فتح مكة، وكان على مقدمة رسول الله صلّى الله عليه وسلم يوم حنين في بني سليم، وجرح يومئذ فأتاه رسول الله صلّى الله عليه وسلم في رحله بعد ما هزمت هوازن ليعرف خبره ويعوده، فنفث في جرحه فانطلق. انتهى.
وشهد خالد رضي الله تعالى عنه بعث «مؤتة» ، ولما أصيب الأمراء الثلاثة رضي الله تعالى عنهم الذين أمّرهم رسول الله صلّى الله عليه وسلم أخذ الراية وانحاز بالمسلمين.
وخرج البخاري (٥: ١٨٢) رحمه الله تعالى عن أنس رضي الله تعالى عنه أن النبي صلّى الله عليه وسلم نعى زيدا وجعفرا وابن رواحة [للناس]«١» قبل أن يأتيهم خبرهم، فقال: أخذ الراية زيد فأصيب، ثم أخذ جعفر فأصيب، ثم أخذ ابن رواحة فأصيب- وعيناه تذرفان- حتى أخذ [الراية] سيف من سيوف الله حتى فتح الله عليهم. انتهى.
قال أبو عمر ابن عبد البر (٤٢٩) عن قيس قال: سمعت خالد بن الوليد يقول:
اندقّت في يدي يوم مؤتة تسعة أسياف فما صبرت في يدي إلا صفيحة يمانية. وذكر البخاري مثله.