ولولا عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم إليّ أن لا تحدث شيئا حتى تأتيني، ثم شئت، لقتلته بسهم. فرجعت إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم وهو قائم يصلي في مرط لبعض نسائه، فلما رآني أدخلني إلى رجليه وطرح عليّ طرف المرط ثم ركع وسجد وإني لفيه، فلما سلّم أخبرته الخبر. وسمعت غطفان بما فعلت قريش فانشمروا راجعين إلى بلدهم، ولما أصبح رسول الله صلّى الله عليه وسلم انصرف عن الخندق راجعا إلى المدينة والمسلمون معه.
فوائد لغوية في أربع مسائل:
الأولى: قوله عليه السلام: الحرب خدعة: حكى القاضي في «المشارق»(١: ٢٣١) فيها أربع لغات فتح الخاء وسكون الدال. قال أبو ذر: وهي لغة النبي صلّى الله عليه وسلم. والثانية: بضم الخاء وسكون الدال أيضا.
والثالثة: ضم الخاء وفتح الدال. والرابعة: فتحهما معا. وقال: من قال خدعة بفتح الحاء وسكون الدال، أي ينقضي أمرها بخدعة واحدة، أي من خدع فيها خدعة زلّت قدمه ولم يقل، فلا يؤمن شرّها وليتحفظ من مثل هذا، ومن قاله بضم أولها وسكون ثانيها فمعناها: أنها تخدع أي أهل الحرب ومباشريها، ومن قال بضم الأول وفتح الثاني فمعناه: أنها تخدع من اطمأنّ إليها، وأن أهلها كذلك، ومن فتحهما فخدعة جمع خادع أي أهلها بهذه الصفة فحذف أهلها وأقام الحرب مقامهم كما قال تعالى: وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ.
الثانية: قال الخشني (٢: ٣٠٥) : ضرّستكم الحرب، أي نالت منكم كما يصيب ذو الأضراس بأضراسه.
الثالثة: قال الخشني (٢: ٣٠٥) : تنشمروا: تنقبضوا وتسرعوا إلى بلادكم.
الرابعة: في «المحكم» : مضى هويّ من الليل وتهواء أي ساعة منه؛ وفي «الديوان»(٤: ٥٦) : على وزن سويّ بفتح الهاء.