للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العدول، أو بنقل الجمّاء العفير خلفا عن سلف، من عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى ذلك الزمان بمكة شرفها الله تعالى، كما اعتمد المحققون ذلك في صاعه ومدّه- عليه السلام- بالمدينة. وأمّا مع إمكان اختلافه في الأعصار وتباينه في الأمصار وعند تعاقب الولاة، مع ما عهد من اختلاف زنة الدنانير والدراهم والمكاييل عند تجدد الولاة واختلاف الأزمنة، فلا اعتماد على ما قاله، فهذا ترجيح لمن قال إن الدرهم خمسون حبة وخمسا حبة.

والقول الثاني: قال الأستاذ أحمد بن عثمان بن البناء رحمه الله تعالى في «مقالته في مقادير المكاييل الشرعية» : وأما ما نقله صاحب «الجواهر الثمينة» عن أبي محمد عبد الله بن أحمد بن حنبل من أن دينار الذهب وزنه بمكة اثنتان وثمانون حبة وثلاثة أعشار حبة وذلك بالحبّ المطلق من الشعير فتكون زنة الدرهم بالحبّ المطلق سبعا وخمسين حبة وكسرا، لأن الدرهم سبعة أعشار الدينار، هذا أيضا قول مشهور، فليس بين القولين اختلاف، لأن الوزن في القول الأول بالوسط من الشعير، وفي هذا القول بالحبّ المطلق، ولا يبعد أن يكون بين المطلق والوسط ذلك القدر من التفاوت، وهذا جمع بين القولين.

المسألة الخامسة: في الدليل على استعمالهم حب الشعير في أوزانهم في الجاهلية والإسلام:

أنشد ابن إسحاق في «السير» (١: ٢٧٧) لأبي طالب: [من الطويل]

جزى الله عنا عبد شمس ونوفلا ... عقوبة شرّ عاجلا غير آجل

بميزان صدق لا يخسّ شعيرة ... له شاهد من نفسه غير عائل

وذكر أبو محمد ابن عطية في «التفسير» عند قوله عز وجل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً ذلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (المجادلة: ١٢) صحّ عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه أنه قال: ما عمل بها أحد غيري، وأنا كنت سبب الرخصة والتخفيف عن المسلمين، وذلك أني أردت مناجاة النبي عليه السلام في أمر ضروري فصرفت

<<  <   >  >>