جرابا من تمر لم يجد لنا غيره، فكان أبو عبيدة يعطينا تمرة تمرة، قال فقلت: كيف كنتم تصنعون بها؟ قال: نمصّها كما يمص الصبي، ثم نشرب عليها من الماء، فتكفينا يومنا إلى الليل، وكنا نضرب بعصينا الخبط ثم نبلّه بالماء فنأكله. قال:
وانطلقنا على ساحل البحر فرفع لنا على ساحل البحر كالكثيب الضخم فأتيناه، فإذا هي دابة تدعى العنبر.
قال: قال أبو عبيدة: ميتة، ثم قال: لا، بل نحن رسل رسول الله صلّى الله عليه وسلم وفي سبيل الله وقد اضطررتم فكلوا؛ قال: فأقمنا عليها شهرا ونحن ثلاثمائة حتى سمنّا، ولقد رأيتنا نغترف من وقب عينيه بالقلال الدهن ونقتطع منه الفدر كالثور أو كقدر الثور، فلقد أخذ منا أبو عبيدة ثلاثة عشر رجلا فأقعدهم في وقب عينه، وأخذ ضلعا من أضلاعه فأقامها ثم رحل أعظم بعير معنا فمرّ تحتها وتزوّدنا من لحمه وشائق. فلما قدمنا المدينة أتينا رسول الله صلّى الله عليه وسلم فذكرنا ذلك له، فقال: هو رزق أخرجه الله لكم، فهل معكم من لحمه شيء فتطعمونا؟ فأرسلنا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم منه فأكله.
فوائد لغوية في عشر مسائل:
الأولى: في «المشارق»(٢: ١٠٧) العير بكسر العين: وهي القافلة والإبل والدواب التي تحمل الأحمال والطعام والتجارة ولا تسمى عيرا إلا إذا كانت كذلك.
الثانية: في «المشارق»(١: ١٤٤) الجراب: وعاء من جلد كالمزود ونحوه- بكسر الجيم- عند الخليل وغيره، وقال القزاز هو بفتحها. قال القاضي: وجمعه جرب بضم الجيم والراء.
الثالث: في «الصحاح»(٣: ١٠٥٦) مصصت الشيء بالكسر أمصّه مصا.
انتهى. وقال ابن طريف في باب فعل بفتح العين: مصصت الشيء ومصصته مصّا:
شربته شربا رقيقا.
الرابعة: في «المشارق»(١: ٢٢٩) الخبط بفتح الخاء والباء- ورق السمر، واختبط ضرب بالعصا ليسقط. واختبطناه فعلنا ذلك به.