للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والضّرير بالبصير، والأخرس بالفصيح- فما صدت ولا صدّت عن كاسها، ولا شذّت فى مذهب ولائه عن اطّراد قياسها، ولا زوت عن وجه جلالته وجه إيناسها، ولا جهلت أنّه فى العلوم الشّرعيّة ابن أنسها، وفى المعانى الأدبيّة أبو نواسها، ولا خفى عنها أنّ سيّدنا مجرى اليمين (١)، وأنّه فى وجه السّيادة إنسان المقلة وغرّة الجبين، والدّرّة فى تاج الجلالة والشّذرة فى العقد الثمين، وأنّه الصّدر الذى يأرز (٢) العلم إلى صدره، وتفترع عقائل المعانى من فكره، ويأتمّ الهدى ببدره، وتنتهى الهداية إلى سرّه، وأنّها فى الإيمان بمحمّديّته لأمّ عمارة (٣) لا أمّ عمره (٤)، وأنّه غاية فخارها، ونهاية إيثارها، وآية نهارها، ومستوطن إفادتها بين شموس فضائلها وأقمارها، فكيف يصدّ وفيه كلّيّة أغراضها، ومنه وعليه جملتها وأبعاضها، وفى محلّه قامت حقائق جواهرها وأعراضها، لكنّها توارت بالحجاب، ولاذت بالاحتجاب، وقرّت بمجلس الكمال، ليكمل ما بها من نقص كمال وكمال عيب، وتجمع بين حقيقتى الشهادة والغيب، وتعرض على الرأى التّقوى سليمة الصّدر/ نقيّة الجيب، وأشهد أنّها جاءت تمشى على استحياء وليست كبنت شعيب …


(١) كناية عن كرمه وكثرة عطائه.
(٢) أى يرجع ويعود، وفى ط خطأ، «يأزر».
(٣) يريد بها نسيبة- بفتح النون وكسر السين، وقيل بضم النون على التصغير- بنت كعب بن عمرو الأنصارية النجارية، شهدت بيعة العقبة وأحدا وبيعة الرضوان، كما شهدت قتال مسيلمة باليمامة، وجرحت يومئذ اثنتى عشرة جراحة، وقطعت يدها وقتل ولدها، روت عن النبى صلوات الله وسلامه عليه، وروى حديثها الترمذى والنسائى وابن ماجه، وكانت ممن أبلى فى أحد بلاء حسنا، قال فى حقها الرسول عليه السلام: «ما التفت يوم أحد يمينا ولا شمالا إلا وأراها تقاتل دونى»، وقد توفيت حوالى عام ١٣ هـ؛ انظر: ابن هشام ٣/ ٨٦، و ٤/ ١٠٩، وابن سعد ٨/ ٤١٨، وحلية الأولياء ٢/ ٦٤، والاستيعاب/ ١٩٤٨، وصفة الصفوة ٢/ ٣٤، وأسد الغابة ٥/ ٥٥٥ و ٦٠٥، والمشتبه/ ٦٤١، وابن كثير ٤/ ٣٤، والتهذيب ١٢/ ٤٥٥، والإصابة ٨/ ١٩٨ و ٢٦١، وخلاصة الخزرجى/ ٤٩٦، والأعلام ٨/ ٣٣٤، وأعلام النساء ٥/ ١٧١.
(٤) يريد بها صاحبة عروة بن الورد سلمى، وقال الأصمعى: ليلى بنت شعواء، وقال أبو الفرج:
سلمى أم وهب، وكانت فى بنى النضير، استوهبوها من عروة بعد أن سقوه خمرا فوهبها لهم، وكان قد نزل بهم، وقد أجلاها النبى صلّى الله عليه وسلم مع من أجلى من بنى النضير؛ انظر: ابن هشام ٣/ ٢٠١، والأغانى ٣/ ٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>