للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهو فى الآداب فارس ميدانها، وفى القصائد أخو حسّانها، أقام عندنا بأدفو سنين كثيرة، لمّا كان أبوه شاهد ديوانها، وكان الاجتماع به يذهب الأتراح، ويجلب الأفراح، وكانت فيه فتوّة، ومروءة وإنسانيّة، وألجأته المكارم إلى الدّخول فى الخدم السّلطانيّة، فما غيّرته عن حاله، ولا أحالته عن جميل خلاله، ولا انحرفت به إلى الحيف، ولا أطمعته فى مطلوبها ولو أنّ الوقت سيف.

أنشدنى من شعره، وذكر لى نبذا من نثره، فممّا أنشدنى رحمه الله تعالى لنفسه (١):

يا هاجرين أما كفى هجران … ذلّ الهوى فى الحالتين هوان

/ نمتم قريرين الجفون من الكرى … والطّرف ساه بعدكم سهران

ما أنعمت نعم عليه بنظرة … يوما ولا رقّت له نعمان

بالله يا حادى إذا جئت الحمى … عرّس (٢) فثمّ تعرّس الأظعان

واستقبل الوادى بكلّ لطيفة … فعسى تميل لنحوك الغزلان

وقل المتيّم جاءكم مستغفرا … ومن الأحبّة يعرف الغفران

فإذا تصالحت القلوب على الوفا (٣) … فخذ الفؤاد فإنّه سكران

ولمّا بلغه شعر الشّيخ عبد القادر الجيلانيّ، الذى أوّله:

ما فى المناهل منهل مستعذب … إلّا ولى فيه الألذّ الأطيب

أنا بلبل الأفراح أملأ دوحها … طربا وفى العلياء باز أشهب


(١) انظر أيضا: الخطط الجديدة ٨/ ٥٨.
(٢) عرس- بتشديد الراء المهملة- القوم كأعرسوا: إذا نزلوا فى آخر الليل للاستراحة، وقيل:
التعريس: النزول فى المعهد، أى حين كان من ليل أو نهار؛ انظر: اللسان ٦/ ١٣٦، والقاموس ٢/ ٢٣٠
(٣) فى س: «على الجفا».

<<  <  ج: ص:  >  >>