بعادك علّم الطّرف السّهادا … ونفّر عنه فى الليل الرّقادا
وبات (١) بليل أرمد ليس يرجو … لليل بات يسهره نفادا
كأنّ الليل فارقه حبيب … فلم ينزع لفرقته الحدادا
فما للدّهر لا ينفكّ يهوى … مخالفة الذى أهوى عنادا
يباعد من أريد له دنوّا … ويدنى من أريد له بعادا
كأنّ عليه ميثاقا ووفى … به ألّا يبلّغنى مرادا
وأنشدنى أيضا ممّا أنشده له لنفسه:
يشطّ غدا بمن تهوى المزار … وتبعد منهم عنك الديار
وقد سلبوا فؤادك قبل بين … فكيف يكون إن ظعنوا وساروا
أعندك عنهم فى البين صبر … بعيد أن يكون لى اصطبار
ترى يقضى لفرقتنا اجتماع … وتبرد من غليل الشّوق نار
وتجمعنا ليال قد تقضّت … بمن أهوى وأيام قصار
/ فلى مذ بانت الأحباب قلب … حزين لا يقرّ له قرار
وأجفان قريحات المآقى … مدامعها لفقدهم غزار
ورأيت له بخطّ شيخنا تاج الدّين الدّشناوىّ بيتين وهما:
كم من خليلين صحّ الودّ بينهما … دهرا وداما على الإنصاف واتّفقا
رماهما الدّهر إمّا بالمنيّة أو … بالبعد أو بانصرام الودّ فافترقا
ووجدت بخطّه أيضا له:
ما بال ليلى أمسى لا نفاد له … وكان قبل النّوى فى غاية القصر
(١) هنا خرم فى النسخة ز يمتد حتى نهاية هذه الترجمة واثنتين بعدها، ثم صدر الثالثة.