للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

القاضى مجد الدّين ابن الخشاب واستعان بجاهه، فاستنابه بعد وفاة ابن عمّه محمد بن أحمد ابن السّديد، وتولّى الحكم بقمولا وقنا وقفط وأسفون، ثمّ ولى النّيابة بمدينة قوص، وكان فيها غير مذموم، ولا هو فى فعله ملوم، فما قنع ولا رضى بما معه، بل طلب علوّ المنزلة، وحقّ على الله ألّا يرفع شيئا إلّا وضعه.

ولمّا ولى القضاء بالدّيار المصرية قاضى القضاة جلال الدّين محمد القزوينىّ، طلب ابن السّديد رفده، فسعى عنده، فاتّفق أن قسم العمل بينه وبين شهاب الدّين أحمد بن عبد الرّحيم بن حرمى القمولىّ، فتولّى جمال الدّين قوص والبرّ الشّرقىّ، وذاك فى البرّ الغربىّ، وتزوّج بنت ابن حرمى ليبقى الائتلاف، وينتفى الخلاف، فما نفع الوفاق، ولا وقع [بينهما] اتّفاق، وقامت الحرب بينهما على ساق، وصار كلّ منهما يعمل على صاحبه، ويقصد ضمّ جانبه إلى جانبه، وأقبل ابن السّديد على المتجر بجملته، وما عدل من اتّجر فى رعيّته، فنسبو إليه [فيه] فضائح، وذكروا عنه قبائح، وشدّدوا عليه فى التّشنيع، وندّدوا بسوء ذلك الصّنيع، واستمال ابن حرمى والى العمل بالهدايا، وبكثرة العطايا، وكان الوالى يقنع من ابن السّديد بالنّزر اليسير، والشئ (١) الحقير، فضنّ بفلسه، ومن يبخل فإنّما يبخل على نفسه، وإذا أراد الله أمرا هيّأ له أسبابا، وفتح لنفاده أبوابا، واتّفق أن وقع غلاء فى الصّعيد (٢) فى سنة خمس وثلاثين وسبعمائة، وكان عند جمال الدّين من الغلال زيادة على ألفى إردب وخمسمائة إردب، فأرسل الوالى إليه ليبيع بالسّعر المعروف، وأن يجرى على الأمر المألوف، وأراد القاضى التأخير، حتّى ينتهى التّسعير، فحمل الوالى [إلى] أن كتب إلى الدّيوان فى أمره، وأطنب فى ذكره، فبرز المرسوم السّلطانىّ/ بالحوطة عليه، وإحضاره إليه، فظنّ ابن حرمى أنّ سعيه مفيد، ويأبى الله إلّا ما يريد:

وقل للحواسد لا تشمتوا … فما عيشكم بعده بالحميد


(١) فى س: «والقدر».
(٢) فى الوافى: «فى قوص».

<<  <  ج: ص:  >  >>