للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال: «وكان حسن الاستنباط للأحكام والمعانى من السّنّة والكتاب، بلبّ يسحر الألباب، وفكر يفتح له ما يستغلق على غيره من الأبواب، مستعينا على ذلك بما رواه من العلوم، مستبينا ما هنالك بما حواه من مدارك الفهوم، مبرّزا فى العلوم النّقليّة والعقليّة، والمسالك الأثريّة، والمدارك النّظريّة:

وكان من العلوم بحيث يقضى … له من كلّ علّم بالجميع»

قال: «وسمع بمصر والشام والحجاز، على تحرّ فى ذلك واحتراز، ولم يزل حافظا للسانه، مقبلا على شانه، وقف نفسه على العلوم وقصرها، ولو شاء العادّ أن يعدّ كلماته لحصرها، ومع ذلك فله بالتجريد تخلّق، وبكرامات الصالحين تحقّق، وله مع ذلك فى الأدب باع وساع (١)، وكرم طباع، لم يخل فى بعضها من/ حسن انطباع، حتّى [لقد] كان محمود (٢) الكاتب، المحمود فى تلك المذاهب، المشهود له بالتقدّم فيما يشاء من الإنشاء على أهل المشارق والمغارب، يقول: «لم تر عينى آدب منه».

انتهى ما ذكره الشّيخ فتح الدّين، وأنا أشير إلى شئ من حاله:

ولد الشّيخ تقىّ الدّين، ووالده متوجّه إلى الحجاز الشريف، فى البحر المالح، فى يوم السبت خامس عشرى شعبان سنة خمس وعشرين وستّمائة، بساحل الينبع، رأيته بخطّه الثّبجىّ (٣)، ثمّ إنّ والده ذكر، على ما أخبرنى عنه بعض طلبته بقوص، أنّه أخذه على يده وطاف به، ودعا له أن يجعله الله عالما عاملا، وقال الشّيخ بهاء الدّين القفطىّ: لمّا سمعنا على الشّيخ مجد الدّين الحديث، سمعته يقوله: وأنا دعوت به


(١) يعنى ذكرا منتشرا؛ انظر: اللسان ٨/ ١٩١.
(٢) هو ابن فهد أبو الثناء شهاب الدين محمود بن سلمان- أو سليمان- الحنبلى الحلبى ثم الدمشقى كاتب السر وعلامة الأدب، المولود بحلب سنة ٦٤٤ هـ والمتوفى بدمشق سنة ٧٢٥ هـ.
(٣) أى المعمى، قال ابن منظور: «الثبج: تعمية الخط وترك بيانه» انظر: اللسان ٢/ ٢٢٠، والقاموس ١/ ١٨٠، وانظر نموذجا لخطه الثبجى: اللوح/ ١١٦١ فى كتاب الأعلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>