للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تمسّك من التّقوى بالسبب الأقوى، وقام بوظيفة التّحقيق والتّدقيق التى لا يطيقها غيره من أهل زمنه ولا عليها يقوى، مع ترك المباهاة بما عليه من الفضائل والسّلامة من الدّعوى، وجعل وظيفة العلم والعمل له/ ملّه، حتّى قال يعض الفضلاء: من مائة سنة ما رأى النّاس مثله، حاز علما ودينا ونزاهة، فعظم قدرا وجاها ووجاهة، ومن غرس العلم والتّقوى اجتنى النّباهة، ذاك الذى حاز كلّ فضل جزيل، وحوى كلّ فعل جميل، والذى يقال فيه إنّ الزّمان بمثله لبخيل.

وبالجملة فالاستغراق فى مناقبه يخرج عن الإمكان، ويحوج إلى توالى الأزمان، وكتب له «بقيّة المجتهدين» وقرئ بين يديه، فأقرّ عليه، ولا شكّ أنّه من أهل الاجتهاد، وما ينازع فى ذلك إلّا من هو من أهل العناد، ومن تأمّل كلامه علم أنّه أكثر تحقيقا وأمتن، وأعلم من بعض المجتهدين فيما تقدّم وأتقن.

حكى [لنا] صاحبنا الفقيه الفاضل العدل علم الدّين أحمد الأسفونىّ قال:

ذكره شيخنا العلّامة علاء الدّين علىّ بن إسماعيل القونوىّ (١)، فقلت له: لكنّه ادّعى الاجتهاد، فسكت ساعة مفكرا وقال: والله ما هو بعيد.

وقد ترجمه الشّيخ الإمام العالم الأديب المحدّث الكامل فتح الدّين محمد اليعمرىّ فقال: «لم أر مثله فيمن رأيت، ولا حملت عن أجلّ منه فيما رأيت ورويت، وكان للعلوم جامعا، وفى فنونها بارعا، مقدّما فى معرفة علل الحديث على أقرانه، منفردا بهذا الفنّ النّفيس فى زمانه، بصيرا بذلك، سديد النظر فى تلك المسالك، بأذكى ألمعيّة، وأزكى لوذعيّة، لا يشقّ له غبار، ولا يجرى معه سواه فى مضمار:

إذا قال لم يترك مقالا لقائل … مصيب ولم يثن اللسان على هجر»


(١) فى ا: «على بن أحمد الغزنوى».

<<  <  ج: ص:  >  >>