حكى لنا أقضى القضاة شمس الدّين/ محمد ابن القمّاح قال: جلسنا عنده غير مرّة، وهو يملى شرح «الإلمام» من لفظه.
وكان عزيز النّفس؛ لمّا وصل الشّيخ شرف الدّين المرسى إلى قوص، قرءوا عليه شيئا من النّحو، فسألهم عن سؤال فسكتوا، فقال: أرانى أتكلّم مع حمير!؟، فلم يعد الشّيخ تقىّ الدّين إليه بعدها.
وأخبرونى بقوص أنّه لعب «الشّطرنج» فى صباه، مع زوج أخته الشّيخ تقىّ الدّين ابن الشّيخ ضياء الدّين، فأذّنوا بالعشاء فقاما فصلّيا، ثمّ قال الشّيخ: نعود، فقال صهره:
إن عادت العقرب عدنا لها، فلم يعد يلعبها.
وأخبرنى الشّيخ عماد الدّين محمد بن حرمى الدّمياطىّ أنّه رأى الأمير «الجوكندار» أتى إليه، فتحرّك له تحريكة لطيفة، وسكت زمانا، ثمّ قام إليه وقال: لعلّ للأمير حاجة؟.
وحكى الشّيخ شمس الدّين ابن عدلان أنّه كان عنده، وكان متكئا، فحضر الكمالىّ «أمير حاجب» برسالة، فكشف عن وجهه، فسمعها وقال [له]: هذا ما ينعمل، فوقف الحاجب زمانا ثمّ قال: يا سيّدى ما الجواب؟ فقال: عجب ما سمعت الجواب! وغطّى وجهه.
ولمّا عزل نفسه ثمّ طلب ليولّى، قام السّلطان الملك المنصور «لاجين» له واقفا لمّا أقبل، فصار يمشى قليلا قليلا، وهم يقولون [له]: السّلطان واقف! فيقول:
أدينى أمشى! وجلس معه على الجوخ حتّى لا يجلس دونه، ثمّ نزل فغسل ما عليه واغتسل، وقبّل السّلطان يده فقال: تنتفع بهذا، حكاه جماعة منهم الشّيخ شمس الدّين ابن عدلان عمّن حضر المجلس، والقاضى مجد الدّين ابن الخشّاب.