للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومع ذلك فكان خفيف الرّوح لطيفا، على نسك وورع، ودين متّبع، ينشد الشّعر والموشّح والزّجل والبليق والمواليا، وكان يستحسن ذلك، حكى لى صاحبنا فتح الدّين محمد بن كمال الدّين أحمد بن عيسى القليوبىّ قال: دخلت عليه مرّة وفى يده ورقة ينظر فيها زمانا، ثمّ ناولنى الورقة وقال: اكتب من هذه نسخة، فأخذتها فوجدت فيها «بلّيقة» أوّلها:

كيف أقدر أتوب … ورأس أيرى مثقوب

وقال لى شيخنا تاج الدّين محمد بن أحمد الدّشناوىّ: سمعته ينشد هذه «البلّيقة» التى أوّلها:

جلد العميرة بالزّجاج … ولا الزّواج

/ ويقول: بالزّجاج يا فقيه … !

وحكى لى صاحبنا الفاضل الأديب الثّقة مجير الدّين عمر (١) ابن اللمطىّ فقال:

كنت مرّة بمصر (٢) فى حاجة [وطلعت إلى القاهرة] فقالوا: الشّيخ طلبك مرّات، فجئت إليه، فقال: أين كنت؟ قلت: بمصر فى حاجة، فقال: طلبتك، سمعت إنسانا ينشد خارج «الكامليّة (٣)»:

بكيت قالوا عاشق … سكت قالوا قد سلا

صلّيت قالوا زوكر (٤) … ما أكثر فضول النّاس

فأعجبنى.

وحكى أيضا قال: كنّا نتحدث عنده باللّيل، وكنّا نسمع بمغنّية يقال لها: جارية


(١) هو عمر بن عيسى بن نصر، انظر ترجمته ص ٤٤٨.
(٢) يعنى الفسطاط، ومكانها اليوم مصر القديمة.
(٣) هى المدرسة الكاملية، انظر الحاشية رقم ٤ ص ٢٤٣.
(٤) كذا فى الأصول، وكذا فى الوافى ٤/ ٢٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>