للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

النطّاع، وأنّها تغنّى غناء فى غاية الحسن، فكنّا نشتهى أن نسمعها، فجاء [نا] شخص مرّة وقال: هى الليلة تغنّى فى المكان الفلانىّ، احضروا فى أول الليل، فصلّينا مع الشّيخ وقمنا وتوجّهنا إلى المكان، وسمعناها ثمّ جئنا، وصرنا ندخل قليلا قليلا، حتّى لا يشعر بنا فيعرف الخبر وينكر علينا، فعرف بنا، فقال: ما بالكم؟! أخبرونى، فأخبرته أنا الخبر، فقال: يا فقيه، أمرها عندى خفيف …

وقال لى الشّيخ فتح الدّين بن سيّد النّاس: قال لى مرّة: ما يعجبك أن تكون عندك عوّادة (١)؟ فقلت: ما أكره ذلك، وأنشدته لبعضهم:

غنّت فأخفت صوتها فى عودها … فكأنّما الصوتان صوت العود

هيفاء تأمر عودها فيطيعها … أبدا ويتبعها اتّباع ودود

وكأنّما الصوتان حين تمازجا … بنت (٢) الغمامة وابنة العنقود

فقال: أعده علىّ، فأعدته حتّى حفظه.

وقال لى شيخنا أثير الدّين: رآنى مرّة ومعى شاب أمرد أتحدّث معه، فقال:

يا أبا حيّان [أنت] تحبّه؟ فقلت: نعم، فقال: أنتم يا أهل الأندلس فيكم خصلتان، محبّتكم الشباب وشربكم الخمر، فقلت: أمّا الخمر فو الله ما عصيت الله به، وأمّا الشباب فلا أشكّ أنّ أهل مصر أفسق منّا، قال: فتبسّم …

[و] قال شيخنا أثير الدّين أنشدته [مرة لنفسى]:

على قدر حبّى فيك وافاني الصّبر … فلست أبالى كان وصلك أم هجر

وما غرضى إلّا سلام ونظرة … وقد حصلا والذّلّ يأنفه الحرّ

سأسلوك حتّى لا أراك بناظرى … وأنساك حتّى لا يمرّ بك الفكر


(١) الجارية التى تضرب على العود، وهو الآلة الموسيقية المعروفة.
(٢) فى ا: «ماء الغمامة».

<<  <  ج: ص:  >  >>