للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حكى لى شيخنا قاضى القضاة أبو عبد الله محمد بن جماعة أنّه كان عنده أمين الحكم بالقاهرة، وكان فيه اجتهاد فى تحصيل مال الأيتام، قال شيخنا: فأحضر عندى مرّة الشّيخ تقىّ الدّين، وادّعى بدين عليه للأيتام، فتوسّطت بينهما، وقرّرت معه أن تكون جامكيّة «الكامليّة» (١) للدّين و «الفاضليّة» (٢) لكلفه،/ ثمّ قلت له: أنا أشحّ عليك بسبب الاستدانة، فقال: ما يوقعنى فى ذلك إلّا محبّة الكتب … !

وحكى لى شيخنا تاج الدّين محمد بن [أحمد] الدّشناوىّ قال: حضرت عنده ليلة، وهو يطلب شمعة فلم يجد معه ثمنها، فقال لأولاده: فيكم من معه درهم؟ فسكتوا، وأردت أن أقول: معى درهم، فخشيت أن ينكر علىّ، فإنّه كان إذ ذاك قاضى القضاة، فكرّر الكلام، فقلت: معى درهم، فقال: ما سكوتك … !؟

وكان الشّيخ تاج الدّين تلميذه وتلميذ أبيه وابن صاحبه، والشّيخ تقىّ الدّين والشّيخ جلال الدّين [والد شيخنا تاج الدّين] تزوّجا بنتى البرهان (٣) ابن الفقيه نصر.

وحكى القاضى شهاب الدّين ابن الكويك التّاجر الكارمىّ [رحمه الله] قال:

اجتمعت به مرّة فرأيته فى ضرورة، فقلت: يا سيّدنا ما تكتب ورقة لصاحب اليمن، اكتبها وأنا أقضى فيها الشغل، فكتب ورقة لطيفة، فيها هذه الأبيات:

تجادل أرباب الفضائل إذ رأوا … بضاعتهم موكوسة الحظّ فى الثمن

فقالوا عرضناها فلم نلف طالبا … ولا من له فى مثلها نظر حسن

ولم يبق إلّا رفضها واطّراحها … فقلت لهم لا تعجلوا السّوق باليمن


(١) انظر الحاشية رقم ٤ ص ٢٤٣.
(٢) انظر الحاشية رقم ٥ ص ٢٧٢.
(٣) هو إبراهيم بن نصر من مشاهير عمال الخراج ومن أفاضل الأدباء، ذكره ابن سعيد وابن فضل الله العمرى، توفى سنة ٦٤٠ هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>