للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

له مشاركة فى النّحو والأصول والحكمة والطبّ وغيرها، قرأ النّحو والأصول والفقه على نجم الدّين الطّوفىّ (١) البغدادىّ الحنبلىّ، وكان قد استوطن قوص، ثمّ قرأ «التّقريب» (٢) على مؤلفه شيخنا العلّامة أثير الدّين أبى حيّان [أبقاه الله تعالى فى خير وعافية] وتأدّب على أدباء قوص: شيخنا تاج الدّين أبى الفتح محمد ابن الدّشناوىّ، ومجير الدّين عمر ابن اللمطىّ، وشرف الدّين محمد النّصيبينىّ وغيرهم،/ ونظم ونثر، ما يفوق نظم الجوهر ونثر الدّرر، وأجاد فى الأدب، حتّى وصل فيه إلى نهاية الرّتب، وبلغ فيه غاية الأرب، وجرى على مذهب أهل الأدب فى أنّهم يستجلون محاسن الشباب، ويستحلون التشبيب بالشّراب، ووصف الحباب.

وقد أثبتّ من نظمه المستعذب، وذكرت من لفظه المحرّر المهذّب، ما يسحر الألباب، ويسخر بالأقران والأتراب، ويميّزه على أبناء جنسه، وهو ممّا أنشدنى لنفسه (٣):

أما وطيب عشيّات وأسحار … من بعدها أفلت شمسى وأقمارى

بها أذكّر دهرى كى يجود بها … فلا يجود ولا يأتى بأعذار

لو أنّ تلك من الأيام عدن لنا … أو اللّيالى ولم تحتج لتذكار

لله ليلاتها البيض القصار فكم … سطوت منها على دهرى ببتّار

أنكرت إفشاء سرّ كنت أكتمه … فيها ولكنّنى أنكرت إنكارى

يا للعجائب ليل ما هجعت به … لنوره كيف تخفى فيه أسرارى

إنّ الضّنى عن جميع النّاس ميّزنى … فكان علّة إخفائى وإظهارى


(١) انظر الحاشية رقم ٣ ص ٢٩٦.
(٢) هو مختصر «المقرب» فى النحو لأبى العباس محمد بن يزيد المبرد النحوى العلامة المتوفى سنة ٢٨٥ هـ، اختصره أبو حيان محمد بن يوسف الأندلسى الغرناطى المتوفى عام ٧٤٥ هـ، وسماه: «التقريب» ثم شرح هذا المختصر، وسماه: «التدريب»؛ انظر: كشف الظنون/ ١٨٠٥.
(٣) انظر أيضا: الوافى ٤/ ٣٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>