للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يكنى أبا القاسم، نزيل أسنا، القاضى، أحد الأكابر فى العلم والعمل، والجليل القدر الذى يرجى لدفع الجلل، والمعتكف على الاشتغال والإشغال بغير فتور ولا ملل، انفرد فى ذلك الإقليم، وتلقّى النّاس قوله بالتّسليم، وقابلوه بالتّبجيل والتّعظيم، وهو ندرة الفلك الدّائر، ومرشد السّالك الحائر، ورادع المبتدع الجائر.

اشتغل أوّلا بالعبادة، ثمّ جاء إلى قوص فاجتمع بالشّيخ مجد الدّين علىّ بن وهب القشيرىّ، واشتغل عليه بالعلم والأصول والعربيّة وتخرّج عليه، وقرأ الأصول أيضا على الشّيخ شمس الدّين محمد الأصفهانىّ بقوص، وقرأ على الشّريف قاضى العسكر، وقرأ الفرائض والجبر والمقابلة على ابن منيع النميرىّ، وقرأ شيئا من النّحو على ابن أبى الفضل المرسىّ، وسمع الحديث من شيخه القشيرىّ، والعلّامة أبى الحسن علىّ ابن هبة الله بن سلامة، وحدّث بسيرة ابن فارس عن الفقيه أبى مروان محمد بن أحمد ابن عبد الملك اللخمىّ.

سمع منه أبو بكر محمد بن عبد الباقى، وطلحة (١) بن محمد القشيرىّ وغيرهم، وكان قيّما بالمدرسة النّجيبيّة (٢) فبرع فى العلم، وكان يعلّق القناديل، والطّلبة تقرأ عليه، وتمّت عليه بركة شيخه مجد الدّين (٣)، فتميّز على أقرانه، وانتهت إليه رئاسة العلم فى زمانه، ودارت عليه الفتوى وإفادة الطّلبة بتلك البلاد، فقصده أصناف العباد، وتولّى أمانة الحكم بتلك البلاد وبقوص مدّة، واتّفق أنّه عمل الحساب فوقف عليه للأيتام مال ثمانمائة درهم، فلم يعرف قضية المصروف، فبات على أنّه يبيع منزله ويغرم ثمنه فى ذلك، فقال له أحد الشّهود الذين معه: النّقدة الفلانيّة، فتذكّرها، ثمّ قصد التنصّل من «المباشرة» فاجتمع بشخص فى ذلك فقال له: متى تنصّلت ما تجاب،


(١) انظر ترجمته فى الطالع ص ٢٧٢.
(٢) بناها النجيب بن هبة الله رئيس قوص والمتوفى بها سنة ٦٢٢ هـ.
(٣) هو على بن وهب بن مطيع، انظر ترجمته ص ٤٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>