للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

اشتغل بالفقه فى بلده وبمصر، وناب فى الحكم ببوتيج وطما وغيرهما من بلاد سيوط، ثمّ توجّه إلى مصر واشتغل بها، وقرأ وكتب؛ رأيت بخطّه الشّرح الكبير (١) للرّافعىّ وغيره، وتزوّج بنت القاضى وجيه الدّين عبد الله السّمر بائىّ، ولمّا ولى قوص جاء إلى البلاد فتولّى القضاء بها وبأرمنت ثمّ بأسنا.

وكان فيه قيام بالأمر بالمعروف والنّهى عن المنكر، وكان بأسنا شمس الدّين أحمد (٢) بن السّديد، كبيرها ورئيسها، وله دار عالية البناء، واسعة الفناء، ولها فى الشّارع مساطب، فعمل شمس الدّين عليها بابين، أحدهما من الشّرق والآخر من الغرب، فامتنع المارّة من الاستطراق، واتّفق أن كان الوالى بأسنا مجد الدّين ابن المعين بن باد، وقع بينه وبين ابن السّديد، وتوجّه شمس الدّين إلى القاهرة، فتحدّث الوالى مع القاضى فى عمل محضر، بإحداث الدّروب فى الشّارع، فكتب محضرا بذلك، وشهد فيه جمع كبير، وخاف البعض من شمس الدّين، فإنّه كان لا يعادى، ويبذل المال الكثير فى النّزر الحقير، وحلف بعضهم بالطّلاق الثّلاث أنّه ما يكتب ولا يشهد، وحكم القاضى بهدم للدّروب، فهدمت، فبلغ شمس الدّين ذلك، فالتزم بالبلد وطلع إليها (٣)، وأخرق بالوالى (٤) وبالغ فى نكاله، واستخرج ممّن شهد أموالا، وقال للقاضى: ما أنت إلّا كثرت دراهمك، ورتّب مع الضّمان مرافعته، واتّفق فى ذلك الوقت وفاة قاضى القضاة، الشّيخ تقىّ الدّين ابن دقيق العيد، وخاف القاضى على نفسه، فخرج باللّيل من خوفه، فلم تطلع الشّمس عليه إلّا وهو بأرمنت، ودخل قوص فوجد القاضى بها مسافرا، فتوجّه إلى


(١) هو «فتح العزيز شرح الوجيز»، انظر الحاشية رقم ٨ ص ٥٨٠.
(٢) هو أحمد بن على بن هبة الله، انظر ترجمته ص ١٠٢.
(٣) كذا فى الأصول، وحقه: «إليه»؛ لأن البلد مذكر، وفى التنزيل: «لا أقسم بهذا البلد» ولا تؤنث إلا إذا قصد بها الدار؛ قال ابن منظور: «والبلد: الدار يمانية، قال سيبويه:
هذه الدار نعمت البلد، فأنث حيث كان الدار»؛ انظر: اللسان ٣/ ٩٤، وقد سبق للمؤلف استعمالها مؤنثة فى غير موضع خطأ.
(٤) كذا فى الأصول، وحقه: «وأخرق الوالى» بغير حرف الجر، أى أخافه وأفزعه، والفعل يتعدى بنفسه، تقول أخرقته أى أفزعته، والخرق- بالتحريك- الدهش من الفزع، وخرق- بفتح الخاء وكسر الراء- الظى: دهش فلصق بالأرض ولم يقدر على النهوض، وقد أخرقه الفزع فخرق: انظر:
اللسان ١٠/ ٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>