للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الحنفي، عن أنس بن مالك قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فشكا إليه الفاقة ثم رجع، فقال: يا رسول الله، لقد جئتك من عند أهل بيت ما أراني أرجع إليهم حتى يموت بعضهم قال. فقال له: "انطلق هل تجد من شيء" قال: فانطلق فجاء بحلس (١) وقدح، فقال: يا رسول الله، هذا الحلس كانوا يفترشون بعضه ويكتسون بعضه، وهذا القدح كانوا يشربون فيه. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ يَأخذهما منّي بدرهم؟ " فقال رجل أنا يا رسول الله. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من يزيد على درهم؟ " فقال رجل: أنا آخذهما باثنين، فقال: "همالك " فدعا الرجل فقال له: "اشتر بدرهم فاسًا وبدرهم طعاما لأهلك " قال ففعل ثم رجع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "انطلق إلى هذا الوادي فلا تدع (٢) حاجًا ولا شوكًا ولا حطبًا ولا تأتني خمسة عشر يومًا" قال: فانطلق فأصاب عشرة قال: "فانطلق فاشتر بخمسة طعامًا لأهلك وبخمسة كسوة لأهلك " فقال يا رسول الله بارك الله لي فيما أمرتني فقال: "هذا خير من أن تجيء يوم القيامة وفي وجهك نكتة المسألة. إن المسألة لا تصلح إلا لثلاثة: لذي دم مُوجع (٣) أو غُرم مُفْظع، أو فَقر مُدْقع".

قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى: وفي هذا الحديث أمرٌ بالكسب ونهيٌ عن المسألة عند القدرة على الكسب وفي هذا المعنى ما روينا في كتاب السنن (٤) عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تحلُّ الصدقةُ لغني ولا لذي مِرَّةٍ سوي".


(١) الحلس (بكسر أوله) كساء يوضع تحت الرحل والقتب والسرج، ويقال لكساء البيت أيضًا الحلس.
(٢) الحاج: ضرب من الشوك. الواحدة: حاجة.
(٣) "دم موجع" أي يتحمل دية فيسعى فيها؟ حتى يؤديها إلى أولياء المقتول، فإن لم يؤدها قتل المتحمل عنه، فيوجعه قتله.
"غرم مفظع" شديد شنيع لا يستطيع أن يتحمله.
"فقر مدقع" شديد يفضي بصاحبه إلى الدقعاء، وهو التراب.
(٤) أخرجه في كتاب الصدقات (٧/ ١٣ - ١٤) من حديث عبد الله بن عمرو وأبي هريرة بإسناد لا بأس به.
وحديث أبي هريرة. أخرجه النسائي في الزكاة (٥/ ٩٩) و ابن ماجه في الزكاة أيضًا (١/ ٥٨٩
رقم ١٨٣٩) وابن أبي شيبة في "المصنف" (٣/ ٢٠٧، ١٤/ ٢٧٤) وابن حبان في "صحيحه" (٨٠٦ - مؤارد) وابن الجارود في "المنتقى" (١٣٢ - ١٣٣ رقم ٣٦٤) والطحاوي في "معاني الآثار" (٢/ ١٤) والدارقطني "٣١١" وأحمد (٢/ ٣٧٧، ٣٨٩) كلهم عن أبي بكر بن عياش =

<<  <  ج: ص:  >  >>