للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثبت الله قدميه يوم القيامة" لا يذكر عنده إلا ذلك و لا يقبل من أحد غيره. يدخلون روادًا ولا يتفرقون إلا عن ذواق، ويخرجون أدلة.

قال وسألته عن مخرجه كيف كان يصنع فيه؟

فقال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخزن لسانه إلا مما يعنيهم ويؤلفهم ولا يفرقهم- أو قال ينفرهم، شك أبو غسان- يكرم كريم كل قوم ويوليه عليهم، ويحذر الناس، ويحترس منهم من غير أن يطوي عن أحد منهم بشره ولا خلقه، ويتفقد أصحابه، ويسأل الناس عما في الناس، ويحسن الحسن، ويقويه، ويقبح القبيح ويوهيه (١)، معتدل الأمر غير مختلف، لا يغفل مخافة أن يغفلوا أو يملوا. لكل حال عنده عتاد، ولا يقصر عن الحق، ولا يجوزه، الذين يلونه من الناس خيارهم، أفضلهم عنده أعمهم نصيحة، وأعظمهم عنده منزلة أحسنهم مواساة ومؤازرة.

قال: فسألته عن مجلسه.

فقال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يجلس ولا يقوم إلا على ذكر، ولا يؤطن الأماكن وينهى عن إيطانها، وإذا انتهى إلى قوم جلس حيث ينتهي به المجلس، ويأمر بذلك، ويعطي كل جلسائه بنصيبه، ولا يحسب جليسه أن أحدا أكرم عليه منه، من جالسه


(١) في بعض المصادر "يوهنه".
"لكل حال عنده عتاد" قال أبو عبيد: يعني عُدّة، وقد أعد له.
"لا يوطن الأماكن" قال أبو عبيد: أي لا يجعل لنفسه موضعا يعرف. إنما يجلس حيث يمكنه في الموضع الذي يكون فيه حاجته لنفسه، ثم فسره، فقال: يجلس حيث ينتهي به المجلس، ومنه حديثه - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى أن يُوطن الرجلُ المكان في المسجد، كما يُوطن البعيرُ.
رواه أبو داود (١/ ٥٣٨ رقم ٨٦٢) والنسائي (٢/ ١٦٩) وابن ماجه (١/ ٤٥٩ رقم ١٤٢٩)
والدارمي (ص ٣٠٣) وأحمد (٣/ ٤٢٨، ٤٤٤) وابن خزيمة (١/ ٣٣١) وابن حبان (١٣٠ رقم ٤٧٦) والحاكم (١/ ٢٢٩) وابن أبي شيبة (١/ ٢٥٨).
"لا توبن فيه الحرم" أي لا تقترف فيه المحرمات.
وقال أبو عبيد: لا يوصف فيه النساء.
"لا تنثى فلتاته" أي لا يتحدث بهفوة أو زلّة إن كانت في مجلسه من بعض القوم.
يقال نثوت الحديث فأنا أنثوه: إذا أذعته، والفلتات جمع فلتة وهو ها هنا: الزلة والسقطة.
وقال أبو عبيد: وهذه الهاء التي في "فلتاته" راجعة على المجلس.
ويقال أيضًا: لم يكن لمجلسه فلتات يحتاج أحد أن يحكيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>