للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لتوحيده حين كان الكفر طبق الأرض، ولم يكن في الدنيا نسمة تعرف الله وتعترف به غيره، واتخذه خليلا بأن جعله أهلا لهدايته أولًا، ثم بأن أمره ونهاه فظهرت منه الطاعة ثانيا، ثم بأن ابتلاه فوجد من الصبر ثالثا، فكان يومئذ خليله، و أهل الأرض كلهم أعداؤه لأنه كان المطيع، والناس غيره عصاة.

وقد اتخذ الله محمدا - صلى الله عليه وسلم - حبيبا بدلالة الكتاب وهو قوله عز وجلّ: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} (١).

فإذا كان اتباعه يفيد للمتبع محبة الله عز وجلّ فالمتبع بها يكون أولى، ودرجة المحبة فوق درجة الخلة.

وقد تكلم أهل العلم في الفرق بين الحبيب والخليل بكلام كثير وهو في كتب أهل التذكير مذكرر.

[١٤١٢] سمعت أبا عبد الرحمن السلمي، يقول سمعت منصور بن عبد الله، يقول سمعت أبا القاسم الإسكندراني يقول سمعت أبا جعفر الملطي، يقول عن علي بن موسى الرضا، عن أبيه، عن جعفر بن محمد في قوله عز وجلّ: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} (٢).

قال أظهر اسم الخلة لإبراهيم - صلى الله عليه وسلم - لأن الخليل ظاهر في المعنى، وأخفى اسم المحبة لحمد - صلى الله عليه وسلم - لتمام حاله إذ لا يحب الحبيب إظهار حال حبيبه، بل يحب إخفاءه وستره لئلا يطلع عليه أحد سواه، ولا يدخل أحد بينهما فقال لنبيه وصفيه محمد - صلى الله عليه وسلم - لما أظهر له حال المحبة: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} (٣).

أي ليس الطريق إلى محبة الله إلا اتباع حبيبه، ولا يتوسل إلى الحبيب بشيء أحسن من متابعة حبيبه وطلب رضاه.


(١) سورة آل عمران (٣/ ٣١).

[١٤١٢] إسناده: لم أعرف رجاله، ويبدو أنه مما وُضع على عليّ بن موسى الرضا.
(٢) سورة النساء (٤/ ١٢٥).
(٣) سورة ال عمران (٣/ ٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>