للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال أبو عبد الرحمن السلمي: الحبيب يوجب لمتبعه اسم المحبة لذلك لم يوقع عليه هذا الاسم، فإن حاله أجل من أن يعبر عنه بالمحبة لأن متبعيه استحقوا هذا الاسم بمتابعته ألا ترى الله عز وجلّ يقول: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} والخليل لا يوجب اتباعه الخلة لذلك أطلق له اسم الخلة.

قال والحبيب يقسم به كقوله {لَعَمْرُكَ} (١) والخليل يقسم (باسمه) كقوله {وَتَاللَّهِ لَاكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ} (٢).

والحبيب يبدأ بالعطاء من غير سؤال كقوله {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ} (٣) والخليل يسأل كقوله {رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي} (٤).

والحبيب يجاب إلى مراده (من غير سؤال كقوله: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا} (٥). والخليل ربما لا يجاب ألا تراه قال: {وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} (٦).

والحبيب شافع ألا تراه كيف يحكي عن ربه حين يقول له: "ارفَعْ رَأسَك وَسَل تُعْطَه، واشْفَع تُشفّع" و الخليل مشفوع فيه ألا تراه في القيامة إذا التجأ إليه الخلق كيف يقول: "لستُ لها".

والحبيب أزيل عنه بديهة الروعة من المشهد الأعلى بما أكرم من المعراج لما هيئ من مقام الشفاعة فلم يرعه شيء لما تقدم من مشاهده فتفرغ للشفاعة لأهل الجمع عامة ثم لأمته خاصة فقال: "أمتي أمتي " والخليل لم يزل عنه ذلك، فرجع في وقت تنفسى جهنم وزفيرها إلى قوله: "نفسي نفسي".


(١) سورة الحجر (١٥/ ٧٢).
(٢) سورة الأنبياء (٢١/ ٥٧).
(٣) سورة الانشراح (٩٤/ ١).
(٤) سورة إبراهيم (١٤/ ٤٠).
(٥) سورة البقرة (٢/ ١٤٤) والعبارة بين العلامتين ساقطة في "ن".
(٦) البقرة (٢/ ١٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>