للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ما تقدم منكم من الهجرة والإيواء والنصرة من ابتغاء وجه الله به إلى غرض غيره ووجه سواه فلا تستوجبوا به مع ذلك أجرا.

ويخرج (١) على وجه آخر وهو أن يقال: {وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ} (٢) فإن ذلك قد يبلغ بكم حد الإزراء به والاستخفاف له فتكفروا وتحبط أعمالكم إلا أن تتوبوا وتسلموا وكذلك قوله (٣): {لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَن وَالْأَذَى} فليس على أن المن يحبط الصدقة وإنما وجهه أن (٤) الصدقة يبتغى بها وجه الله، تعالى جده، وهو المأمول منه ثوابها، فإذا مَنَّ المتصدق على السائل وآذاه بالتعيير فقد صرفها عن ابتغاء (٥) وجه اللّه بها إلى وجه السائل، فحبط أجره عند الله لهذا (و) وصلت عند المتصدق عليه مع ذلك ث لأنه إن كان حباه فقد أذاه وإن كان (٦) أعطاه فقد أخزاه (٧) ولو كان ذلك على معنى إفساد الطاعة بالمعصية لم يختص بالبطلان صدقته.

وبسط الكلام فيه إلى أن قال: وإن من الطعن على هذا القول أن سيئات المؤمن متناهية الجزاء وحسناته ليست بمتناهية، لأن مع ثوابه الخلود في الجنة فلا يتوهم أن تكون التبعة المتناهية التي يستحقها المؤمن بسيئة تأتي على ثواب حسنة لا نهاية له، فأما قول النبي - صلى الله عليه وسلم - (٨): "من اقتنى كلبا إلا كلب صيد


(١) المرجع المذكور.
(٢) سورة الحجرات (٤٩/ ٢).
(٣) سورة البقرة (٢/ ٢٦٤).
(٤) في المطبوعة "وجهه ابتغاء وجه الله".
(٥) في المطبوعة "ابتغاء السائل".
(٦) في ا لأصل "أعطى".
(٧) في (ن) "أجزأه".
(٨) روي بهذا اللفظ من حديث ابن عمر أخرجه البخاري في الصيد والذبائح من رواية عبد الله بن دينار وسالم ونافع عنه (٦/ ٢١٩ - ٢٢٠)، وفي رواية سالم "من أجره" وأخرجه مسلم من طرق عنه في المساقاة (٢/ ١٢٠١ - ١٢٠٢ ح ٥٠ - ٥٦)، وأخرجه الترمذي في الصيد (٤/ ٧٨)، والنسائي في الصيد والذبائح (٧/ ١٨٧ - ١٨٩)، والدارمي في الصيد (ص ٤٨٦)، ومالك في "الموطأ" (٢/ ٩٦٩)، وأحمد في "مسنده" (٢/ ٤/٨/ ٣٧،،٤٧، ٦٠، ١٠١، ١٠٣، ١٥٦) والحميدي في "مسنده" (٢/ ٢٨٣ أحاديث ٦٣٢، ٦٣٣)، والبغوي في "شرح السنة" (١١/ ٢٠٨)، وابن أبي شيبة في "مصنفه" (٥/ ٤٠٨، ١٤/ ٢٥٨)، وهو عند المؤلف في "السنن" (٦/ ٩). ومن حديث أبي هريرة بزيادة "وزرع"، أخرجه البخاري في المزارعة (٣/ ٦٧)، وفي بدء الخلق (٤/ ١٠١)،=

<<  <  ج: ص:  >  >>