وقال: {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ} (سورة الأنعام ٦/ ١١٦، يونس ١٠/ ٦٦، النجم ٥٣/ ٢٣، ٢٨). وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث" أخرجه البخاري ومسلم. (سيأتي في أخر الكتاب). ثم أشار الشيخ الألباني إلى أن المنتصرين للعمل بالضعيف ليس لهم أي دليل من الكتاب والسنة. إنما هي أقوال للعلماء غير مستندة إلى دليل شرعي. ونقل عن شيخ الإسلام ابن تيمية قوله: "لا يجوز أن يعتمد في الشريعة على الأحاديث الضعيفة التي ليست صحيحة ولا حسنة، ولكن أحمد بن حنبل وغيره من العلماء جوزوا أن يروى في فضائل الأعمال ما لم يعلم أنه ثابت، إذا لم يعلم أنه كذب. وذلك أن العمل إذا علم أنه مشروع بدليل شرعي، وروي في فضله حديث لا يعلم أنه كذب، جاز أن يكون الثواب حقًّا. ولم يقل أحد من الأئمة أنه يجوز أن يجعل الشيء واجبًا أو مستحبًا بحديث ضعيف. ومن قال هذا فقد خالف الإجماع". راجع "القاعدة الجليلة في التوسل والوسيلة" (٨٤). وقال أيضًا: "وما كان أحمد بن حنبل ولا أمثاله من الأئمة يعتمدون على مثل هذه الأحاديث في الشريعة، ومن نقل عن أحمد أنه كان يحتج بالحديث الضعيف الذي ليس بصحيح ولا حسن فقد غلط عليه .. " (نفس المرجع ٨٥). وقال العلامة أحمد شاكر في الباعث الحثيث (ص ١٠١): "وأما ما قاله أحمد بن حنبل وعبد الرحمن بن مهدي وعبد الله بن المبارك: إذا روينا في الحلال والحرام شددنا، وإذا روينا في الفضائل ونحوه تساهلنا" فإنما يريدون- فيما أرجح، والله أعلم- أن التساهل إنما هو في الأخذ بالحديث الحسن الذي لم يكن في عصرهم مستقرًا واضحًا، بل كان كثر المتقدمين لا يصف الحديث إلا بالصحة أو بالضعف فقط. قال شيخنا الألباني: وعندي وجه أخر في ذلك، وهو أن يحمل تساهلهم المذكور على روايتهم إياها مقرونة باسانيدها- كما هي عادتهم- هذه الأسانيد التي بها يمكن معرفة ضعف أحاديثها، فيكون ذكر السند مغنيًا عن التصريح بالضعف. وأما أن يرووها بدون أسانيدها كما هي طريقة الخلف، ودون بيان ضعفها كما هو صنيع جمهورهم فهم أجل وأتقى لله عزّ وجلّ من أن يفعلوا ذلك. والله تعالى أعلم. هذا وقد ذكر العلماء للعمل بالضعيف شروطًا. فقال الحافظ ابن حجر: إن شرائط العمل بالضعيف ثلاثة: الأول: أن يكون الضعف غير شديد، فيخرج من انفرد من الكذابين والمتهمين بالكذب، ومن فحش غلطه. =