للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[١٧] "المبين" وله معان: منها: أنه بين لذوي العقول، ومنها: أن الفضل يقع به، ومنها: أن التحقيق والتمييز إليه، ومنها: أن الهداية به.

[١٨] "الواحد" وله معان: منها: أنه لا يجوز عليه التبعيض ولا يجوز عليه التشبيه ولا يصح الخروج من ملكه ولا حد لسلطانه.


[١٧] "المبين" ورد مرة واحدة فقط في صفة الله جل ثناؤه في سورة النور (٢٤/ ٢٥)، وقال الحليمي في معناه: هو الذي لا يخفى ولا ينكتم، والباري- جل ثناؤه- ليس بخاف ولا منكتم، لأن له من الأفعال الدالة عليه ما يستحيل معها أن يخفى فلا يوقف عليه ولا يدرى. "المنهاج" (١/ ١٧٩) وراجع "الأسماء والصفات" (٢٧). وفي "الاعتقاد" (٢٩): هو البين أمره في الوحدانية. وهذه صفة يستحقها بذاته.

[١٨] "الواحد" ورد في القرآن في صفة الله عز وجل ٦ مرات. وقال الحليمي: إنه يحتمل وجوها: أحدها: أنه لا قديم ولا إله سواه، فهو واحد من حيث أنه ليس له شريك فيجري عليه حكم العدد، وتبطل به وحدانيته. والآخر: أنه واحد بمعنى أن ذاته ذات لا يجوز عليه التكثر بغيره، والإشارة فيه إلى أنه ليس بجوهر ولا عرض، لأن الجوهر قد يتكثر بالانضمام إلى جوهر مثله، فيتركب منهما جسم، وقد يتكثر بالعرض الذي يحله، والعرض لا قوام له إلا بغير يحله، والقديم فرد لا يجوز عليه حاجة إلى غيره، ولا يتكثر بغيره، وعلى هذا لو قيل إن معنى "الواحد" أنه القائم بنفسه، لكان ذلك صحيحًا، ولرجع المعنى إلى أنه ليس بجوهر، ولا عرض، لأن قيام الجوهر بفاعله ومثبته، وقيام العرض بجوهر يحله.
والثالث: أن معنى الواحد هو القديم، فإذا قلنا الواحد فإنما نريد به الذي لا يمكن أن يكون أكثر من واحد. والذي لا يمكن أن يكون أكثر من واحد هو القديم، لأن القديم متصف في الأصل بالإطلاق السابق للموجودات. ومهما كان قديماً، كان على واحد منها غر سابق بالإطلاق، لأنه إن سبق غير صاحبه فلشو بسابق صاحبه، وهو موجود كوجوده، فيكون إذاً قديماً من وجه وغير قديم من وجه، ويكون القدم وصفاً لهما معاً، ولا يكون وصفًا لكل واحد منهما، فثبت أن القديم بالإطلاق لا يكون إلا واحداً، فالواحد إذاً هو القديم الذي لا يمكن أن يكون إلا واحدًا. (المنهاج ١/ ١٨٩). وانظر "الأسماء والصفات" (٢٩ - . ٣). وقال الخطابي: الواحد: هو الفرد الذي لم يزل وحده، ولم يكن معه آخر. وقيل: هو المنقطع القرين، المعدوم الشريك والنظير، وليس كسائر الأجسام المؤلفة، إذ كل شيء سواه يدعى واحدًا، فهو واحد من جهة، غير واحد من جهات. والله سبحانه الواحد الذي ليس كمثله شيء. (شأن الدعاء ٨٢). وفي "الاعتقاد" (٢٦): هو الفرد الذي لم يزل وحده بلا شريك. وقيل: هو الذي لا قسيم لذاته، ولا شبيه له ولا شريك. وهذه صفة يستحقها بذاته. وقال في موضع أخر (٢٩) الواحد: الذي لا شريك له ولا عديل. وعبر عنه بعبارة أخرى فقيل "الأحد" وهو المنفرد بالمعنى، لا يشاركه فيه أحد، والواحد: المنفرد بالذات لا يضاهيه أحد. وهما من الصفات التي يستحقها بذاته.

<<  <  ج: ص:  >  >>