للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

سهل الخليلي، حدثنا إسحاق بن أيوب بن حسان الواسطي، عن أبيه، قال سمعت رجلًا سأل سفيان بن عيينة، فقال: يا أبا محمد! ما تقول فيما يرويه النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ربه- عزّ وجلّ: "كلُّ عملِ ابن آدم له إلاّ الصّوم، فإنّه لي، وأنا أجزي به"؟

فقال ابن عيينة: هذا من أجود الحديث وأحكمها. إذا كان يوم القيامة يحاسب الله -عزّ وجلّ عبده ويؤدي ما عليه من المظالم من سائر عمله حتى لا يبقى إلا الصوم، فيتحمل الله عزّ وجلّ ما بقي عليه من المظالم، ويدخله بالصوم الجنة.

[٣٣١٠] أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي، أخبرنا أبو الحسن الكارزي، أنبأنا علي بن عبد العزيز قال قال أبو عبيد: قد علمنا أن أعمال البر كلها لله -عزّ وجلّ- وهو يجزي بها، فنرى- والله أعلم- أنه إنما خص الصوم بأن يكون هو الذي يتولى جزاءه لأن الصوم ليس يظهر من ابن آدم بلسان ولا فعل فتكتبه الحفظة، إنما هو نية في القلب، وإمساك عن حركة المطعم والمشرب يقول: فأنا أتولى جزاءه على ما أحب من التضعيف، وليس على كتاب كتب له، ومما يبين ذلك قوم - صلى الله عليه وسلم -: "ليس في الصّوم رياءٌ".

قال أبو عبيد: حدثنيه شبابة عن ليث، عن عقيل، عن ابن شهاب رفعه (١).

قال: وذلك لأن الأعمال كلها لا تكون إلا بالحركات إلا الصوم خاصة، فإنما يكون


= وقال القرطبي: قد كنت استحسنت هذا الجواب (يعني قول ابن عيينة) إلى أن فكرت في حديث المقاصة فوجدت فيه ذكر الصوم في جملة الأعمال حيث قال: "المفلس الذي يأتي يوم القيامة بصلاة وصدقة وصيام، ويأتي وقد شتم هذا، وضرب هذا، وأكل مال هذا … " الحديث. وفيه: "فيؤخذ لهذا من حسناته ولهذا من حسناته، فإذا فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من سيئاتهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار". فظاهره أن الصيام مشترك مع بقية الأعمال في ذلك.
قال الحافظ ابن حجر: إن ثبت قول ابن عيينة أمكن تخصيص الصيام من ذلك فقد يستدل له بما رواه أحمد من طريق حماد بن سلمة، عن محمد بن زياد، عن أبي هريرة رفعه: "كل العمل كفارة إلا الصوم. الصوم لي وأنا أجزي به" وكذا رواه أبو داود الطيالسي، راجع "فتح الباري" (٤/ ١٠٩).

[٣٣١٠] إسناده: لا بأس به.
وانظر "غريب الحديث" (١/ ٣٢٥ - ٣٢٦).
(١) وسيأتي مسندًا برقم (٣٣٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>