للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثم إن الحليمي رحمه الله تعالى احتج (١) في صحة بعث الرسل بما عرف من بروج الكواكب وعددها وسيرها، ثم بما في الأرض مما يكون قوتا وما يكون دواء لداء (٢) بعينه وما يكون سما وما يختص بدفع ضرر السم وما يختص بجر الكسر وغير ذلك من المنافع والمضار التي لا تدرب إلا بخبر. ثم بوجود الكلام من الناس فإن من ولد أصم لم ينطق أبدا ومن سمع (٣) لغة ونشأ عليها تكلم بها، فبان بهذا أن أصل الكلام سمع وأن أول من تكلم من البشر تكلم عن تعليم ووحي، كما قال الله عز وجل (٤): {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا} وقال تعالى (٥): {خَلَقَ الْإِنْسَانَ. عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} ثم إن كل رسول أرسله الله تعالى إلى قوم فلم يخله من أية أيده بها وحجة آتاها إياه، وجعل تلك الآية مخالفة للعادات إذ كان ما يريد الرسول إثباته بها من رسالة الله عز وجل (٦) أمرا خارجا عن العادات ليستدل لاقتران (٧) تلك الآية بدعواه أنه رسول الله.

وبسط الحليمي رحمه الله تعالى الكلام في ذلك إلى أن قال (٨): والكذب على الله تعالى (والافتراء) (٩) عليه بدعوى الرسالة من عنده من أعظم الجنايات، فلا يليق بحكمة الله تعالى أن يظهر على من تعاطى ذلك آية ناقضة للعادات فيفتتن العباد به وقد نزل (١٠) الله تعالى من هذا الصنع (١١) نصا في كتابه فقال يعني نبيه - صلى الله عليه وسلم - (١٢): {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ. لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ. ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ} (١٣). قال: وكل آية آتاها الله رسولا فإنه يقرر بها عند الرسول أولا أنه رسول حقا ثم عند غيره، وقد يجوز أن يخصه (١٤) بان يعلم بها نبوة نفسه ثم يجعل له


(١) راجع "النهاج" (١/ ٢٥٦ - ٢٦٠).
(٢) في (ن) والمطبوعة "دواء الداء".
(٣) في الأصل "لم يسمع".
(٤) سورة البقرة (٢/ ٣١).
(٥) سورة الرحمن (٥٥/ ٣ - ٤).
(٦) زيادة من الأصل.
(٧) كذا في الأصل. وفي (ن) والمطبوعة "باقتران".
(٨) "المنهاج" (١/ ٢٦٠).
(٩) زيادة من الأصل.
(١٠) في (ن) و المطبوعة "بين"
(١١) في (ن) والمطبوعة "الصنيع".
(١٢) زيادة من الأصل.
(١٣) سورة الحاقة (٦٩/ ٤٤ - ٤٦).
(١٤) في (ن) والمطبوعة "يحضه بها".

<<  <  ج: ص:  >  >>