وقال ابن أبي حاتم في "علل الحديث" (١/ ٤٨١) سألت أبا زرعة عن حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - في تختمه أفي يمينه أصح أم في يساره؟ قال: في يمينه الحديث أكثر ولم يصح هذا ولا هذا. قال الترمذي بعدما ذكر حديث عبد الله بن جعفر: قال البخاري: إن حديث عبد الله بن جعفر أصح شيء ورد فيه وصرح فيه بالتختم في اليمين، وفي المسألة عند الشافعية اختلاف والأصح اليمين. قال الحافظ: ويظهر لي أن ذلك يختلف باختلاف القصد فإن كان اللبس للتزين فاليمين أفضل وإن كان للتختم به فاليسار أولى؛ لأنه كالمودع فيها ويحصل تناوله منها باليمين، وكذا وضعه فيها، ويترجح التختم في اليمين مطلقًا لأن اليسار آله الاستنجاء فيُصان الخاتم إذا كان في اليمن عن أن تصيبه النجاسة. ويترجح التختم في اليسار بما أشرت إليه من التناول، وجنحت طائفة إلى استواء الأمرين وجمعوا بذلك بين مختلف الأحاديث، وإلى ذلك أشار أبو داود حيث ترجم "باب التختم في اليمين واليسار" ثم أورد الأحاديث مع اختلافها في ذلك بغير ترجيح. وقال الإمام النووي: وأما الحكم في المسألة عند الفقهاء فأجمعوا على جواز التختم في اليمين وعلى جوازه في اليسار ولا كراهة في واحدة منهما، واختلفوا أيتهما أفضل؟ فتختم كثيرون من السلف في اليمين، وكثيرون في اليسار، واستحبّ مالك اليسار وكره اليمين، وفي مذهبنا وجهان لأصحابنا، الصحيح أن اليمين أفضل؛ لأنه زينة واليمين أشرف وأحق بالزينة والإكرام. وقال البغوي: كان آخر الأمرين التختم في اليسار وتعقبه الطبري بأن ظاهره النسخ وليس ذلك مراده بل الإخبار بالواقع اتفاقًا. وقال شيخنا المحدث الألباني جمعًا بين الروايات: إنه قد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - التختم في اليمين وفي اليسار فيحمل اختلاف الأحاديث في ذلك على أنّه - صلى الله عليه وسلم - كان يفعل هذا تارة وهذا تارة فهو من الاختلاف المباح الذي يخيّر فيه الإنسان. راجع "فتح الباري" (١٠/ ٣٢٦ - ٣٢٧)، "شرح مسلم" للنووي (١٤/ ٧٢ - ٧٣)، "إرواء الغليل" (رقم ٨١٩، ٨٢٠). (١) وها هنا ينتهي الجزء الخامس والثلاثون من نسخة "ل" حسب تجزئته المؤلف. آخر الجزء الخامس والثلاثين يتلوه في السادس والثلاثين حديث أبي الحسين بن الفضل القطان، =