بذلك الاسم لأن واضعه أردشير بن بابك من ملوك الفرس. راجع "شرح مسلم" (١٥/ ١٥)، لا النهاية لما (٥/ ٣٩). وفي هذا الحديث شبّه لعب النرد بلحم الخنزير وفيه حكمة بالغة كما قال الحافظ ابن القيم رحمه الله: سر هذا التشبيه أن اللاعب بها لما كان مقصوده بلعبه أكل المال بالباطل الذي هو حرام كحرمة لحم الخنزير وتوصل إليه بالقمار وظن أنه يفيده حل المال كان كالمتوصل إلى أكل لحم الخنزير بذكاته والنبي - صلى الله عليه وسلم - شبه اللاعب بغامس يده في لحم الخنزير ودمه إذ هو مقدمة الأكل كما أن اللعب بها مقدمة أكل المال فإن أكل بها كان كأكل لحم الخنزير. انظر "الفروسية" و"فصل الخطاب" (ص ٢١٠). (ف) قال الإمام النووي رحمه الله: وهذا الحديث حجة للشافعي والجمهور في تحريم اللعب بالنرد، وقال أبو إسحاق المروزي من أصحابنا: يكره ولا يحرم، انتهى قوله. وجزم الخطابي بتحريمه، وكذا قال القرطبي في تفسيره (٨/ ٣٣٧). وقال الشيخ ابن تيمية: الميسر محرم بالنص والإجماع ومنه اللعب بالنرد والشطرنج وما أشبهه ممّا يصد عن ذكر الله وعن الصلاة ويوقع العداوة والبغضاء. وقال الذهبي في "الكبائر" (ص ٩٧): اتفقوا على تحريم اللعب به لما صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من النهي عنه قال: والميسر هو القمار بأيّ نوع كان نرد أو فصوص أو كعاب أو جوز أو بيض أو حصى أو غير ذلك وهو من أكل أموال الناس بالباطل الذي نهى الله عنه، انتهى قوله ملخصًا. وذكر ابن القيم الجوزية في "الفروسية" (ص ٧٢) علّة حرمة النرد فقال: حرمته لما يشتمل عليه في نفسه من المفسدة وإن خلا عن العوض فتحريمه من جنس تحريم الخمر فإنه يوقع العداوة والبغضاء، ويصدّ عن ذكر الله وعن الصلاة وأكل المال وفيه عون وذريعة إلى الإقبال عليه واشتغال النفوس به فإن الداعي حينئذ يقوى من وجهين من جهة المغالبة ومن جهة أكل المال فيكون حراما من الوجهين، وهذا المأخذ أصح نصا وقياسًا وأصول الشريعة وتصرفاتها تشهد له بالاعتبار فإن الله قال في كتابه " {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} الآية "المائدة ٥/ ٩٠ - ٩١) فقرن الميسر بالأنصاب والأزلام والخمر وأخبر أن الأربعة رجس وأنها من عمل الشيطان ثم أمر باجتنابها وعلق الفلاح باجتنابها ثم نبه على وجوه المفسدة المقتضية للتحريم فيها وقد أطال في سرد الأدلة على فساد النرد وتحريمه، انتهى. وعد الهيثمي في "الزواجر" (٢/ ١٧٢ - ١٧٣) اللعب بالنرد من الكبائر فقال: "الكبيرة الرابعة والأربعون بعد الأربعمائة) اللعب بالنرد، ونقل عن إمام الحرمين قوله: الصحيح أنه من الكبائر ثم قال: وظاهر الأخبار المذكورة أنه كبيرة من الكبائر؛ إذ التشبيه بلحم الخنزير يفيد وعيدا شديدا. =