للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لا يشفع فيه أحدًا. وهذه المعاني كلها معدومة في صاحب الكبيرة من أهل القبلة.

وقوله: {يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا} (١) لا يدفع الشفاعة لأن المراد بالملك

الدفع بالقوة، وإنما الشفاعة تذلل من الشافع للمشفوع عنده وإقامة الشفيع بذلك من المشفوع له، فلا يوم أليق به (٢) وأشبه باحواله من يوم الدين.

وقد ورد عن سيدنا المصطفى - صلى الله عليه وسلم - في إثبات الشفاعة واخراج قوم من أهل التوحيد من النار، وإدخالهم الجنة أخبار صحيحة صريحة قد صارت من الاستفاضة والشهرة بحيث قارنت الأخبار المتواترة، وكذلك في مغفرة الله تبارك وتعالى جماعة من أهل الكبائر دون الشرك من غير تعذيب فضلًا منه ورحمة والله واسع كريم.

قال البيهقي رحمه الله: وقد ذكرنا هذه الأخبار (٣) في كتاب "البعث والنشور"

ونحن نشير هاهنا إلى طرفْ منها قال الله عز وجل لمحمد - صلى الله عليه وسلم -: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} (٤).

وروينا في الحديث الثابت عن يزيد الفقير عن جابر (٥) بن عبد الله ما دل على أن ذلك في الشفاعة وكذلك عن حذيفة (٦) بن اليمان وابن عمر (٧) وغيرهم.


(١) سورة الانفطار (٨٢/ ١٩).
(٢) كذا في الأصل وفي "البعث والشنور". وفي "ن" والمطبوعة "فلا يوهن التوبه".
(٣) هذه الأخبارغير موجودة في النسخة المطبوعة.
(٤) سورة الإسراء (١٧/ ٧٩).
(٥) حديث يزيد الفقير عن جابر سيأتي بعد صفحات برقم (٣٠٠).
(٦) أخرج الحاكم من طريق عبيد الله بن موسى، أنبأ إسرائيل، حدثنا أبو إسحاق عن صلة بن زفر عن حذيفة بن اليمان سمعته يقول في قوله عز وجل: و {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} (الإسراء ١٧/ ٧٩).
قال: يجمع الناس في صعيد واحد يسمعهم الداعي، وينفذهم البصر. حفاة عراة كما خلقوا، سكوتا لا تتكلم نفس إلا بإذنه قال فينادي: محمد، فيقول: لبيك وسعديك، والخير في يديك، والشر ليس إليك، المهديُ من هَديت، وعبدك بين يديك، ولك واليك، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك، تباركت وتعاليت، سبحان رب البيت، فذلك المقام المحمود الذي قال الله: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا}.
وقال الحاكم صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذه السياقة (٢/ ٣٦٣ - ٣٦٤) ووافقه الذهبي.
وأخرجه في موضع أخر من طريق ليث بن أبي سليم عن أبي إسحاق بنحوه (٤/ ٥٧٣) وليس فيه ذكر المقام المحمود.
كما أخرجه كاملًا ابن أبي شيبة في "مصنفه" عن وكيع عن إسرائيل (١١/ ٤٨٤) وأخرجه أبو داود الطيالسي في "مسنده" (٥٥) ومن طريقه أبو نعيم في "الحلية" (١/ ٢٧٨)، وأخرجه أيضًا النسائي في "الكبرى" (تحفة الأشراف ٣/ ٤٣) وابن جرير في "تفسيره" (١٥/ ١٤٤ - ١٤٥) وابن منده في "كتاب الإيمان" (٣/ ٨٥١ - ٨٥٢).
ونسبه السيوطي في "الدر المنثور" (٥/ ٣٢٥) بالإضافة إلى هؤلاء إلى البزار وابن المنذر وابن أبي حاتم، وابن مردويه والمؤلف في "البعث" والخطيب في "المتفق والمفترق". وراجع "مجمع الزوائد" (١٠/ ٣٧٧). وقال أبو نعيم: رفعه جماعة.
(٧) عن ابن عمر قال: إن الناس يصيرون يوم القيامة جُثَى، كل أمة تتبع نبيها، يقولون: يا فلان اشفع، حتى تنتهي الشفاعة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فذلك يوم يبعثه الله المقام المحمود.

<<  <  ج: ص:  >  >>