وقد ذكر الحافظ ابن حجر العسقلاني الشواهد كلها في "تغليق التعليق" فراجعها. (ف) اختلف العلماء في الفخذ أنها عورة أم لا باختلاف الروايات في هذا الباب، قال الإمام مالك وابن أبي ذؤيب: الفخذ ليست بعورة لما روي عن أنس بن مالك قال أجرى نبي الله - صلى الله عليه وسلم - في زقاق خيبر وأن ركبتي لتمس فخذ نبي الله - صلى الله عليه وسلم - ثم حسر الإزار عن فخذه حتى أني انظر إلى بياض فخذ نبي الله - صلى الله عليه وسلم -. أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما. كما ذكر الإمام الموفق في "المغني" (١/ ٥٧٨) الإمام مالكًا في عداد القائلين بأن الفخذ عورة، وقال العلامة العيني في "عمدة القاري" (٢/ ٢٤٤) أنه أصح أقواله، وفي "مواهب الجليل" (١/ ٥٧٨): والذي تقتضيه نصوص أهل المذهب أنه يجب على الرجل أن يستر من سرته إلى ركبته. وأكثر أهل العلم على أن الفخذ عورة مستدلا بحديث محمد بن جحش وجرهد و ابن عباس. وقال الطحاوي في "شرح المعاني" (١/ ٤٧٤): وقد جاءت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -آثار متواترة صحاح فيها أن الفخذ من العورة. فقال الشيخ الألباني: ولا يشك الباحث العارف بعلم المصطلح أن مفردات هذه الأحاديث كلها معللة، وأن تصحيح أسانيدها من الطحاوي والبيهقي فيه تساهل ظاهر غير أن مجموع هذه الأسانيد تعطي للحديث قوة فيرقى بها إلى درجة الصحيح. وقال الحافظ في "الفتح": إن كان محفوظًا فليس فيه دليل على ما ترجم به أي- الفخذ عورة- وإن كانت روايته يعني رواية أنس- المحفوظة فهي دالة على أن الفخذ ليست بعورة، وقال القرطبي: حديث أنس وما معه إنما ورد في قضايا معينة في أوقات مخصوصة يتطرق إليها من احتمال الخصوصية أو البقاء على أصل الإباحة ما لا يتطرق إلى حديث جرهد وما معه؛ لأنه يتضمن إعطاء حكم كلي وإظهار شرع عام فكان العمل به أولى، قال الحافظ: ولعل هذا هو مراد المصنف (البخاري) بقوله: "وحديث جرهد أحوط" راجع "الفتح" (١/ ٤٨٠ - ٤٨١). وقال الإمام النووي بعدما ساق حديث أنس: هذا مما استدل به أصحاب مالك ومن وافقهم على أن الفخذ ليست بعورة من الرجل ومذهبنا ومذهب آخرين أنها عورة. وقد جاءت بكونها عورة أحاديث كثيرة مشهورة، وتأول أصحابنا حديث أنس هذا على أنه انحسر بغير اختياره لضرورة الإغارة والإجراء، وليس فيه أنه استدام كشف الفخذ مع إمكان الستر. راجع "شرح مسلم" (١٢/ ١٦٣) وعن أحمد ومالك في رواية: العورة القبل والدبر فقط وبه قال أهل الظاهر وابن جرير والإصطخري فقال الحافظ: في ثبوت ذلك عن ابن جرير ذكر المسألة في "تهذيبه" ورد على من زعم أن الفخذ ليست بعورة. وقد جمع القاضي الشوكاني بين هذين الحديثين وبين الأحاديث المتقدمة في أن الفخذ عورة بأنهما حكاية حال، لا عموم لها، راجع "نيل الأوطار" (١/ ٣٦٢)، وقال الشيخ الألباني: ولعل =