للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فإذا بلغ الوقت الذي يريد اللّه أمر إسرافيل فينفخ في الصور النفخة الأولى، فتهبط النفخة من الصور إلى السموات فيصعق سكان السموات بحذافيرها، ثم تهبط النفخة إلى الأرض، فيصعق سكان الأرض بحذافيرها، وجميع عالم الله وبريته فيهن من الجن والإنس والهوام والأنعام. قال: وفي الصور من الكوى عدد من يذوق الموت من جميع الخلائق فإذا صعقوا جميعًا، يقول الله عزّ وجلّ، يا إسرافيل من بقي؟ فيقول: بقي إسرافيل عبدك الضعيف. فيقول مت يا إسرافيل، فيموت، ثم يقول الجبار تعالى: لمن الملك اليوم، فلا هميس ولا حسيس، فلا ناطق يتكلم، ولا مجيب يفهم، وقد مات حملة العرش واسرافيل وملك الموت وكل مخلوق فيرد الجبار على نفسه: {لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ. الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} (١) وذلك حين تمت كلمة ربك صدقًا وعدلًا لا مبدل لكلماته {وَهُوَ السَمِيعُ الْعَلِيمُ} فتتم كلمته بإنفاذ قضائه على أهل أرضه وسمائه لقوله تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} (٢). فأما إسرافيل فيموت ويحيا في طرفة عين، وأما حملة العرش فيحيون في أسرع من طرفة عين فيأمر الله تعالى إسرافيل بعد النفخة الأولى باربعين وكذلك هو في التوراة بين النفختين أربعون، لا يدرى ما هو. فإذا انقضت الأربعون نظر الله إلى أهل السموات وإلى أهل الأرضين (٣) فيقول: وعزتي لأعيدنكم كما بدأتكم ولأحيينكم كما أمتكم، ثم يأمر إسرافيل فينفخ النفخة الثانية، وقد جمعت الأرواح كلها في الصور، فإذا نفخ، خرج كل روح من كوة معلومة من كوى الصور، فإذا الأرواح تهوش (٤) بين السماء والأرض لها دوي كدوي النحل، فينادي إسرافيل: يا أيتها الجلود المتمزقة! ويا أيتها الأعضاء المتهشمة، ويا أيتها العظام البالية، ويا أيتها الأجساد المتفرقة، ويا أيتها الأشعار المتمرطة (٥)، قوموا إلى موقف الحساب والعرض الاكبر، فيدخل على روح في جسده، قال وتمطر السماء طشًّا (٦) من تحت العرش على جميع


(١) سورة غافر (٤٠/ ١٦، ١٧).
(٢) سورة القصص (٢٨/ ٨٨).
(٣) وفي (ن) "أهل الأرض".
(٤) أي تضطرب وتنتشر.
(٥) تمرط الشعر: تساقط وتحات.
(٦) الطش والطشاش من المطر: الرشساش، وهو دون الوابل وفوق الرذاذ، وفي النسخ "تمطر الدطشاء".

<<  <  ج: ص:  >  >>