للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكان له اهتمام كبير بمؤلفات البيهقي أخذها عن زاهر بن طاهر الشحَامي، وأبي عبد الله الفراوي، وأبي الحسن عبيد الله بن محمد بن أبي بكر البيهقي، شاركه في ذلك أبو الحسن المرادي.

وكان ابن عساكر ينتظر بلهفة واشتياق رجوع المرادي إذا كان في سفر، ومرة تأخر وصوله فانتابه قلق شديد حتى أنه فكر في القيام برحلة بنفسه، وبعد أيام وصل أبو الحسن المرادي بأربعة أسفاط كتب ممسوعة ففرح ابن عساكر بذلك فرحا شديدا إذ كفاه مؤنة السفر، وأقبل على تلك الكتب فنسخ واستنسخ وقابل، وبقي من مسموعاته أجزاء نحو ثلاثمائة فأعانه عليها أبو سعد السمعاني فنقل منها جملة حتى لم يبق عليه أكثر من عشرين جزءا وكان كلما حصل له جزء منها كأنه قد حصل على ملك الدنيا (١).

وكان لرغبته الشديدة في العلم والطلب يستمر في القراءة ساعات لا يمل ولا يضجر حتى كان يضجر شيوخه.

قال الفراوي: قدم علينا ابن عساكر فقرأ علي ثلاثة أيام فأكثر، فأضجرني، فآليت أن أغلق بابي وأمتنع، جرى هذا الخاطر لي بالليل فقدم الغد شخص، فقال: أنا رسول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليك، رأيته في النوم فقال: امض إلى الفراوي وقل له، إن قدم بلدكم رجل من أهل الشام أسمر يطلب حديثي فلا يأخذك منه ضجر ولا ملل.

فما كان الفراوي بعد ذلك يقوم حتى يقوم الحافظ ابن عساكر أولا (٢).

وكان السمعاني زميله في الرحلة، وذكره وأثنى عليه، وقال: أبو القاسم: كثير العلم، غزير الفضل، حافظ، متقن، جمع بين معرفة المتون والأسانيد، إلى أن قال: جمع ما لم يجمعه غيره وأربى على أقرانه.

وكان بينه وبين السمعاني تعاون في العلم فكانا يتبادلان الكتب والرسائل. توفي في رجب سنة ٥٧١ هـ. وحضر جنازته السلطان صلاح الدين في خلق كثير.


(١) "السير" (٢٠/ ٥٦٦).
(٢) "السير" (٢٠/ ٥٦٤، ٥٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>