للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقيل: كَان يَدنُو مِنْ السَّمَاء فَيُكَلِّمهما.

وقيل: قَام عِند البَاب فَنَادَى.

ورُوي أنّه أرَاد الدُّخُول فَمَنَعَتْه الْخَزَنة، فَدَخَل في فَمِ الْحَيَّة حتى دَخَلَتْ بِه وَهُمْ لا يَشْعُرُون (١).

ورَجَّح ابنُ عطية كَوْن الوَسْوَسَة مُشَافَهَة، فَقَال: واخْتُلِف في الكَيْفِيَّة؛ فَقَال ابن عباس وابن مسعود وجُمهور العُلَمَاء: أغْوَاهُمَا مُشَافَهَة، ودَلِيل ذَلك قَوله تَعالى: (وَقَاسَمَهُمَا)، والْمُقَاسَمَة ظَاهِرُها الْمُشَافَهَة.

وقال بَعْضُهم: إنَّ إبْليس لَمَّا دَخَل إلى آدَم كَلَّمَه في حَالِه، فَقَال (٢) آدَم: مَا أحْسَن هَذا لو أنَّ خُلْدًا كَان، فَوَجَد إبْلِيس السَّبِيل إلى إغْوائه، فقال: هَلْ أدُلُّك على شَجَرَة الْخُلْد؟

وقال بَعضهم: دَخَل الْجَنَّة في فَمِ الْحَيَّة .... - فَذَكَر القصة -.

وقالتْ طَائفة إنَّ إبْليس لَم يَدْخُل الْجَنَّة إلى آدَم بَعد أن أُخْرِج مِنها، وإنّما أغْوَى آدَم بِشَيْطَانِه وسُلْطَانِه وَوَسَاوسِه التي أعْطَاه الله تَعالى، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنَّ الشَّيْطَان يَجْرِي مِنْ ابن آدَم مَجْرَى الدَّم (٣)، (٤).

وعَدّ الرَّازي قَول وَهْب بن مُنبّه من أقْوال القُصّاص، واعْتَبَره فَاسِدًا: فَقَال حَاكِيًا الْخِلاف في الْمَسْألَة: اخْتَلَفُوا في أنه كَيف تَمَكَّن إبْليس مِنْ وَسْوَسَة آدَم عليه السلام، مَع أن إبليس كَان خَارِج الْجَنَّة وآدَم كَان في الْجَنَّة؟

وذَكَرُوا فيه وُجُوهًا:


(١) الكشاف، مرجع سابق (ص ٧٢).
(٢) في المطبوع: "فقال: يا آدم ما أحسن هذا لو أن خُلْدًا كان" وصواب العبارة: فقال آدم: ما أحسن هذا.
(٣) رواه البخاري ومسلم. وسبق تخريجه.
(٤) المحرر الوجيز، مرجع سابق (١/ ١٢٨). وهذه الأقوال نقلها القرطبي دون الإشارة إلى مصدرها.

<<  <   >  >>