وقال آخَرُون: مَعْنَى السُّوء في هَذا الْمَوْضِع: الشِّرْك. قالوا: وتأويل قوله: (مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ) مَنْ يُشْرِك بالله يُجْزَ بِشِرْكِه، ولا يَجِد لَه مِنْ دُون الله وَلِيًّا ولا نَصِيرًا.
وأوْلى التَّأوِيلات عند ابن جرير: التَّأويل الذي ذَكَرَه عن أُبَيّ بن كَعب وعائشة؛ وهو أنَّ كُلّ مَنْ عَمِل سُوءًا صَغِيرًا أوْ كَبِيرًا مِنْ مُؤمِن أوْ كَافِر جُوزِي بِه.
وعَلّل اخْتِيَارَه بِأنّه إجراء "لِعُموم الآيَة: كُلّ عَامِل سُوء مِنْ غَيْر أن يَخُص أوْ يَسْتَثْني مِنهم أحَد، فهي عَلى عُمُومِها إذْ لَم يَكُنْ في الآيَة دَلالة عَلى خُصُوصِها ولا قَامَت حُجَّة بِذَلك مِنْ خَبَرٍ عن الرَّسُول صلى الله عليه وسلم".
فإن قَال قَائل: وأيْن ذَلك مِنْ قَول الله: (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ)؟ وكَيف يَجُوز أن يُجَازِي على مَا قَدْ وَعَد تَكْفِيرِه؟
وبِنَحْو الذي قُلْنَا في ذَلك تَظَاهَرَت الأخْبَار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (١) وفي تَفْسِير قَوله تَعالى: (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ) أطَال في ذِكْر الكَبَائر وتَعْرِيفِها، ومَن قَال بِعَدَدِها، ثم قال: وأوْلَى مَا قِيل في تَأوِيل الكَبَائر بِالصِّحَّة مَا
(١) جامع البيان، مرجع سابق (٧/ ٥١٥ - ٥١٩) باختصار وتصرّف.