للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صَحَّ بِه الْخَبَر عَنْ رسول الله صلى الله عليه وسلم دُون مَا قَاله غَيره، وإن كَان كُلّ قَائل فِيها قَولًا مِنْ الذين ذَكَرنَا أقْوَالَهم قد اجْتَهَد وبَالَغ في نَفْسِه. ولِقَولِه في الصِّحَّة مَذْهَبٌ.

ورَجَّح أنَّ "مَنْ اجْتَنِبَ الكَبَائر التي وَعَد الله مُجْتَنِبها تَكْفِير مَا عَدَاها مِنْ سَيِّئاتِه، وإدْخَالِه مُدْخَلًا كَرِيما، وأدَّى فَرَائضه التي فَرَضَها الله عَليه، وَجَد الله لِمَا وَعَده مِنْ وَعْدٍ مُنْجِزًا، وعَلى الوَفَاء له ثَابِتًا".

وأمَّا قَوله: (نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ) فإنه يَعْنِي به: نُكَفِّر عَنْكُم أيّها الْمُؤمِنُون بِاجْتِنَابِكُم كَبَائر مَا يَنْهَاكُم عَنه رَبُّكُمْ صَغَائر سَيِّئَاتِكُم، يَعْنِي: صَغَائر ذُنُوبِكُم" (١).

وصَدّر السمرقندي تفسير الآية بِذِكْر مَعْنَى قَوله تَعالى: (مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ)، فقال: يَعْنِي: مَنْ يَعْمَل مَعْصِيَة دُون الشِّرْك يُعَاقَب بِه. وقال الزجاج: مَعْنَاه: لَيْس ثَوَاب الله بأمَانِيكم ولا أمَاني أهْل الكِتَاب. وقَد جَرى مَا يَدُلّ على إضْمَار الثَّوَاب، وهو قَوله: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ) أي: إنّمَا يَدْخُل الْجَنَّة مَنْ آمَن وعَمِل صَالِحًا، لَيس كَمَا تَمَنَّيتُم. (مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ) أي: لا يَنْفَعُه تَمَنَّيه.

وأشَار إلى تَضْعِيف مَا رُوي فِيها، حيث قَال: ويُقَال: لَمَّا نَزَلَتْ هَذه الآية: (مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ) شَقّ ذَلك على الْمُسْلِمِين. وقال أبو بَكْر: كَيْف الفَلاح بَعْد هَذه الآيَة يَا رسول الله؟ فقال صلى الله عليه وسلم: ألَسْتَ تَمْرَض؟ ألَسْتَ تَحْزَن؟ ألَسْتَ تُصِيبك اللأواء؟ أي الشِّدَّة. فَذَلك كُلّه جَزَاؤه (٢).


(١) جامع البيان، مرجع سابق (٦/ ٦٥٧، ٦٥٨) باختصار وتصرّف.
(٢) بحر العلوم، مرجع سابق (١/ ٣٦٦) باختصار.

<<  <   >  >>