للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومَالَ السمرقندي إلى كَون الآيَة نَزَلَتْ في شَأن وَحْشِي (١)، حَيث قَال: (وَيَغْفِرُ مَا دُونَ) يَعني دُون الشّرْك.

(لِمَنْ يَشَاءُ) يَعْنِي: لِمَنْ مَات مُوَحِّدًا؛ نَزَلَتْ الآيَة في شَأن وَحْشِي قَاتِل حَمْزَة.

وذَكَر مَا تَقَدَّم عن ابن عمر قولَه: كُنَّا إذا مَات الرَّجُل مِنَّا على كَبِيرَة شَهِدْنا أنَّه مِنْ أهْل النَّار حَتى نَزَلَتْ هَذه الآيَة: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ)، فأمْسَكْنَا عن الشَّهَادَة. وهَذه الآيَة رَدّ على مَنْ يَقُول: إنَّ مَنْ مَات على كَبِيرَة يُخَلَّد في النَّار؛ لأنَّ الله تَعالى قَدْ ذَكَر في آيَة أخْرَى (إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ) [هود: ١١٤] يَعْنِي مَا دُون الكَبَائر، فلم يَبْقَ لِهَذِه الْمَشِيئَة مَوْضِع سِوى الكَبَائر (٢).

وفي آية "النِّسَاء" الثَّانِيَة أوْرَد قول الضحاك في سَبَب النُّزُول (٣).

وفي تَفسير سُورة مريم قال: اسْتَثْنَى فَقَال تَعالى: (إِلَّا مَنْ تَابَ) [مريم: ٦٠] يَعني: رَجَع عن الكُفْر (وَآمَنَ) يَعْنِي صَدَّق بِتَوحِيد الله عَزَّ وَجَلَّ (وَعَمِلَ صَالِحًا) بَعْد التَّوبَة (فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا) يَعْنِي: لا يُنْقَصُون شَيئا مِنْ ثَوَاب أعْمَالِهم (٤).

وفي آية "الفرقان"، قَال السمرقندي: (إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ) يَعْنِي: تَاب مِنْ الشِّرْك والزِّنا والقَتْل، وصَدَّق بِتَوحِيد الله تَعالى (٥).

وفي تَفْسِير سُورة الزمر أوْرَد مَا رَواه عبد الرَّزاق عن معمر عن قتادة قال: أصَاب قَوْم في الشِّرْك ذُنُوبا عِظَامًا، وكَانُوا يَخافُون ألا يَغْفِر الله لَهم، فَدَعَاهم الله تَعالى بِهذه الآيَة.


(١) واستبعده السمعاني - كما سيأتي -.
(٢) بحر العلوم، مرجع سابق (١/ ٤٣٤).
(٣) المرجع السابق (١/ ٣٦٤) وسبق قول الضحاك في أول المبحث.
(٤) المرجع السابق (٢/ ٣٨٠).
(٥) المرجع السابق (٢/ ٥٤٦).

<<  <   >  >>