للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوَجه السادس: أنّهم لَمَّا عَلِمُوا أنه سبحانه وتعالى عَالم لا يَجْهَل، حَكِيم لا يَسْفَه، عادِل لا يَظْلِم؛ عَلِمُوا أنَّ قَولهم لا يُفِيد خَيرًا، ولا يَدْفَع شَرًّا، فَرَأوا أنَّ الأدَب في السُّكُوت، وفي تَفْويض الأمْر إلى عَدْلِ الْحَيّ القَيُّوم الذي لا يَمُوت (١).

وفي آية "النساء": بَيَّن أنَّ شَهَادَة الرُّسُل الذين جَعَلهم الله الْحُجَّة على الْخَلْق لِتَكُون الْحُجَّة على الْمُسِيء أبْلَغ، والتَّبْكِيت له أعْظَم، وحَسْرَتُه أشَدّ، ويَكُون سُرُور مَنْ قَبِل ذلك مِنْ الرَّسُول وأظْهَر الطاعة؛ أعْظم، ويَكُون هذا وَعِيدًا للكُفَّار الذين قال الله فيهم: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ)، ووَعْدًا للمُطِيعِين الذين قَال الله فِيهم: (وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا) [النساء: ٤٠] (٢).

وقال في آية "النحل": والْمُرَاد بِهَؤلاء الشُّهَداء الأنبياء، كَمَا قَال تَعالى: (فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا) [النساء: ٤١] (٣).

وفي آية "النساء" أوْرَد ابن كثير مَا رَواه ابن جرير مِنْ قِراءة ابن مسعود وسَماع النبي صلى الله عليه وسلم حتى إذا بَلَغ: (فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: شَهِيدًا عَليهم مَا دُمْتُ فيهم، فإذا تَوفَّيتَنِي كُنْتَ أَنت الرَّقِيب عليهم، وأنْتَ على كُلِّ شَيء شَهِيد.

ثم نبّه ابن كثير على ضَعْف كَوْن شَهَادَته صلى الله عليه وسلم عند عَرْض أعْمَال أمَّتِه عَليه وهُو في قَبْرِه (٤).

وفي آية "النحل" وَضَّح أنَّ مَعْنَى الشَّهِيد هو نَبِيّ كل أمَّة يشْهَد عليها بِمَا أجَابَته فيمَا بَلَّغَها عن الله تعالى (٥).


(١) التفسير الكبير، مرجع سابق (١٢/ ١٠١، ١٠٢).
(٢) المرجع السابق (١٠/ ٨٥).
(٣) المرجع السابق (٢٠/ ٧٧).
(٤) انظر: تفسير القرآن العظيم، مرجع سابق (٤/ ٥٧).
(٥) انظر: المرجع السابق (٨/ ٣٤٠).

<<  <   >  >>