للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد اخْتُلِف فِيه (١) على أقْوَال عَشَرَة:

الأولى: أنّه اسْتِثْنَاء مِنْ قَوله: (فَفِي النَّارِ)، كَأنه قَال: إِلَّا مَا شَاء رَبُّك مِنْ تَأخِير قَوْم عن ذَلك … وعن أبي نضرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: إلَّا مَنْ شَاء ألَّا يُدْخِلهم وإنْ شَقُوا بِالْمَعْصِيَة (٢).

الثَّاني: أنَّ الاسْتِثْنَاء إنّمَا هو للعُصَاة مِنْ الْمُؤمِنِين في إخْرَاجِهم بَعد مُدَّة مِنْ النَّار.

وعلى هَذا يَكُون قَوله: (فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا) عَامًّا في الكَفَرَة والعُصَاة، ويَكُون الاسْتِثْنَاء مِنْ (خَالِدِينَ) … وفي الصَّحِيح مِنْ حَدِيث أنس بن مالك قَال: قَال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يَدْخُل نَاس جَهَنَّم حَتى إذا صَارُوا كَالْحُمَمَة (٣) أُخْرِجُوا مِنها وَدَخَلُوا الْجَنَّة، فَيُقَال: هَؤلاء الْجَهَنَّمِيُّون (٤).

الثَّالِث: أنَّ الاسْتِثْنَاء مِنْ الزَّفِير والشَّهِيق، أي: لَهم فِيها زَفِير وشَهِيق إلَّا مَا شَاء رَبُّك مِنْ أنْوَاع العَذَاب الذي لم يَذْكُرُه.

الرَّابِع: قَال ابن مسعود: خَالِدِين فِيها مَا دَامَت السَّمَاوَات والأرْض لا يَمُوتُون فيها، ولا يَخْرُجُون مِنها إلَّا مَا شَاء رَبُّك، وهو أن يَأمُر النَّار فَتَأكُلهم وتُفْنِيهم ثم يُجَدِّد خَلْقَهم.

قلت: وهَذا القَول خَاص بِالكَافِر، والاسْتِثْنَاء لَه في الأكْل وتَجْدِيد الْخَلْق.

الْخَامِس: أنَّ (إِلَّا) بِمَعْنَى سِوَى … قِيل: فَالْمَعْنَى: مَا دَامَت السَّمَاوَات والأرْض سِوى مَا شاء رَبُّك مِنْ الْخُلُود.

السَّادس: أنَّه اسْتِثْنَاء مِنْ الإخْراج وهو لا يُرِيد أن يُخْرِجَهم مِنها .... فَالْمَعْنَى: أنَّه لَو شَاء أن يُخْرِجَهم لأخْرَجَهم، ولَكِنَّه قد أعْلَمَهم أنَّهم خَالِدُون فِيها.


(١) أي في الاستثناء.
(٢) هذا مُرسل، أبو نضرة هو المنذر بن مالك بن قطعة - تابعي - (تقريب التهذيب ترجمة ٦٩٣٨)، "والمرسل ضعيف عند جمهور المحدثين". (مقدمة صحيح مسلم (ص ٣٠).
(٣) قال أبو عبيد: الحمم الفحم، واحدتها حممة. (غريب الحديث ١/ ١٩٤).
(٤) رواه البخاري بنحوه (ح ٧٠١٢)، وفي معناه حديث أبي سعيد: رواه البخاري (ح ٦١٩٢)، ومسلم (ح ١٨٤).

<<  <   >  >>