للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد قِيل: إنَّ (إِلَّا) بِمَعْنَى الوَاو، قاله الفراء، وبعض أهل النظر، وهو:

الثَّامن: والْمَعْنَى: ومَا شَاء رَبُّك مِنْ الزِّيَادَة في الْخُلُود على مُدَّة دَوَام السَّمَاوَات والأرْض في الدُّنْيا.

وقد قِيل في قوله تعالى: (إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا) [البقرة: ١٥٠] أي: ولا الذِين ظَلَمُوا.

وقال الشاعر:

وكلُّ أخٍ مُفَارِقُه أخُوه لَعَمْر أبِيك إلَّا الفَرْقَدَان (١)

أي: والفَرْقَدان (٢)

وقال أبو محمد مَكِيّ: وهذا قَول بَعِيد عِند البَصْرِيِّين أنْ تَكُون "إلَّا" بِمَعْنَى الوَاو وقِيل: مَعْنَاه: كَمَا شَاء رَبُّك، كَقَولِه تَعَالى: (وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ) [النساء: ٢٢]، أي: كَما قَدْ سَلَف - وهو:

التَّاسِع، العَاشِر: وهو أنَّ قَوله تعالى: (إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ) إنّمَا ذَلك على طَرِيق الاسْتِثْنَاء الذي نَدَب الشَّرْع إلى اسْتِعْمَالِه في كُلّ كَلام، فهو عَلى حَدّ قَوله تَعالى:


(١) البيت نسبه الجاحظ في "البيان والتبيين" (١/ ٦٩)، والمبرد في "الكامل" (٣/ ١٤٤٤) إلى عمرو بن معدي كَرِب.
(٢) هذا متعقب بما قاله أهل اللغة:
فقد أورد الجوهري في "الصحاح" (ص ٨) مختاره البيت السابق ثم قال: كأنه قال: غير الفرقدين، وأصل "إلا" الاستثناء والصفة عارضة، وأصل "غير" الصفة، والاستثناء عارض، وقد تكون "إلا" عاطفة كالواو، كقول الشاعر:
وأرى لها دارًا بأغدرة الـ سيدان لم يدرس لها رسم
إلا رمادًا هامدًا دفعت عنه الرياح خوالد سحم
يُريد: أرى لها دارًا ورمادًا اهـ.
وفي لسان العرب (٣/ ٣٣٤): والفرقدان نجمان في السماء لا يغربان، ولكنهما يطوفان بالجَدْي، وقيل: هما كوكبان قريبان من القطب. وقيل: هما كوكبان في بنات نَعش الصُّغرى.
وتعقب ابن عطية ذلك من وجه آخر. انظر: المحرر الوجيز، مرجع سابق (٣/ ٢٠٨).
وانظر مبحث "إلا" في لسان العرب (١٠/ ٣١٤ - ٣١٧) ط. وزارة الشؤون الإسلامية - السعودية.

<<  <   >  >>