للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حتى يَشْفَعُون في أصْحَاب الكَبَائر، ثم تَأتِي رَحْمَة أرْحَم الرَّاحِمِين فتُخْرِج مَنْ لَم يَعْمَل خَيْرًا قَط، وقَال يَوْمًا مِنْ الدَّهْر: لا إله إلا الله. كَمَا وَرَدَتْ بِذَلك الأخْبَار الصَّحِيحَة الْمُسْتَفِيضَة عن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِمَضْمُون ذَلك مِنْ حَدِيث أنس وجابر وأبي سعيد وأبي هريرة (١)، وغَيْرِهم مِنْ الصَّحَابة، ولا يَبْقَى بَعْد ذَلك في النَّار إلَّا مَنْ وَجَب عليه الْخُلُود فيها، ولا مَحِيد لَه عَنها، وهذا الَّذي عَليه كَثِير مِنْ العُلَمَاء قَدِيمًا وحَدِيثًا في تَفْسِير هَذِه الآيَة الكَرِيمة" (٢).

وكان قَدْ أشَار إلى مَعْنَى الاسْتِثْنَاء في آيَة "الأنعام"، وبَيَّن أنَّ تَقْرِير القَوْل سَيَأتي في آية "هُود".

وأغْفَل مَعْنَى الْخُلُود في آيَة "النساء".

واقتَصَر في آيَة "الأحْزَاب" على قَوله: (خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا) أي: مَاكِثِين مُسْتَمِرِّين، فَلا خُرُوج لَهُمْ مِنها، ولا زَوال لهم عنها. (لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا) أي: وَليس لَهم مُغِيث ولا مُعِين يُنْقِذُهم مِمَّا هُمْ فِيه (٣).

وقال نَحْو ذَلك في تَفْسِير آيَة "الْجِنّ" (٤).

وقَال الشنقيطي في الْجَمْع بَيْن الآيَات: والْجَوَاب عن هَذا مِنْ أوْجُه:

أحَدُها: أنَّ قَوله تَعالى: (إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ) مَعْنَاه: إلَّا مَنْ شَاء الله عَدَم خُلُودِه فِيها مِنْ أهْل الكَبَائر مِنْ الْمُوَحِّدِين، وقَد ثَبَت في الأحَادِيث الصَّحِيحَة أنَّ بَعْض أهْل النَّار يُخْرَجُون مِنها، وهُم أهْل الكَبَائر مِنْ الْمُوَحِّدِين … واخْتَارَه ابن جرير، وغَاية مَا في هذا القَوْل إطْلاق مَا وَرَدَ، ونَظِيرُه في القُرْآن (فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ) (٥).


(١) سبق تخريجها.
(٢) تفسير القرآن العظيم، مرجع سابق (٧/ ٤٧٢، ٤٧٣).
(٣) المرجع السابق (١١/ ٢٤٤).
(٤) المرجع السابق (١٤/ ١٥٦).
(٥) أي أن هذا مُطْلَق، وتقييده بالأربع في آخر الآية.

<<  <   >  >>