للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن حجر: فَالْحَدِيث (١) وإن كان دَالًّا على تَعْذِيب كُلّ مَيت بِكُلّ بُكَاء لكن دَلَّتْ أدِلَّة أُخْرَى على تَخْصِيص ذلك بِبعْض البُكَاء … وتَقْيِيد ذلك بِمَنْ كَانت تِلْك سُنَّته، أوْ أهْمَل النَّهْي عن ذلك؛ فَالْمَعْنَى على هذا أنَّ الذِي يُعَذَّب بِبعْض بُكَاء أهْلِه مَنْ كان رَاضِيًا بِذلك، بأن تَكُون تلك طَرِيقَته. اهـ.

"فإن الذي سَنَّ السُّنَّة السَّيِّئَة إنَّمَا حَمَل وِزْر سُنَّتِه السَّيِّئَة" (٢).

وأمَّا تَعَدِّي الْهَلاك إلى الدَّوَاب بِمَا كَسَبَتْ أيدِي النَّاس وبِظُلْم الظَّالِمِين، فَهَذا مُقْتَضَى سُنَّة الله في خَلْقِه.

ألا تَرى أنَّ البَهَائم تُمْنَع الْمَرْعَى بِذُنُوب بَني آدَم؟

وفي الْحَدِيث: ولم يَمْنَعُوا زَكَاة أمْوَالِهم إلَّا مُنِعُوا القَطْر مِنْ السَّمَاء، ولوْلا البَهَائم لم يُمْطَرُوا (٣).

ومَوْت الفَاجِر والكَافِر رَاحَة للحَيَوَان والْجَمَاد!

ففي الحديث: الْعَبْد الْمُؤمِنُ يَسْتَرِيحُ مِنْ نَصَبِ الدُّنْيَا وَأَذَاهَا إِلَى رَحْمَةِ اللَّهِ، وَالْعَبْدُ الْفَاجِرُ يَسْتَرِيحُ مِنْهُ الْعِبَادُ وَالْبِلادُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ (٤).


(١) يَعني قوله صلى الله عليه وسلم: الميت يُعَذّب بِبُكاء الحي عليه.
(٢) فتح القدير، مرجع سابق (٤/ ٣٤٥).
(٣) رواه ابن ماجه (ح ٤٠١٩)، وقال الألباني: حسن (صحيح سنن ابن ماجه ح ٣٢٤٦)، و"الصحيحة" (ح ١٠٦).
(٤) رواه البخاري (ح ٦١٤٧)، ومسلم (ح ٩٥٠).

<<  <   >  >>