للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إفادة القرطبي ممن سَبقوه:

أفَاد القرطبي كَثِيرًا مِنْ ابن جرير، كيف لا؟ وابن جرير هو صَاحِب قَدَم السَّبْق في مَجَال التَّفْسِير.

وقد أثْنَى القرطبي على ابنِ جرير، ونَقَل عن ابن عطية قَوله: وألَّف النَّاس فيه (١) كعبد الرزاق، والْمفَضَّل، وعلي بن أبي طلحة، والبُخاري، وغيرهم، ثم إنَّ محمد بن جرير رحمه الله جَمَع على النَّاس أشْتَات التَّفْسِير، وقَرَّب البَعِيد مِنها، وشَفَى في الإسْنَاد (٢).

ونَقَل القرطبي عن ابن جرير بَعْضَ آرَائه الفِقْهِيَّة. فَفِي حُكْم الْمَضْمَضَة والاسْتِنْشَاق قال: وبِذلك قال محمد بن جرير الطبري، والليث بن سعد، والأوزاعي، وجَمَاعة من التابعين (٣).

ونَقَل عن ابن عبد البر قَوله في صِفَة الأذَان: ذهب أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وداود بن علي، ومحمد بن جرير الطبري إلى إجَازَة القَول بِكُلّ مَا رُوي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وحَمَلُوه على الإبَاحَة والتَّخْيِير (٤).

وكما نَقَل القرطبي عن ابن جَرير بعض آرَائه الفِقْهِيَّة، فقد نَقَل عنه بَعض آرَائه الاعْتِقَادِيَّة، فَقَال في قَوله تَعالى: (وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ) [النساء: ٤٨، ١١٦]: مِنْ الْمُتَشَابِه الي قد تَكَلَّم العُلَمَاء فيه؛ فقال محمد بن جرير الطبري (٥): قد أبَانَتْ هذه الآية أنّ كُلّ صَاحِب كَبِيرة فَفي مَشِيئة الله تعالى، إن شَاء عَفَا عَنه ذَنْبه، وإن شَاء عَاقَبه عليه، مَا لَم تَكُنْ كَبِيرته شِرْكًا بِالله تَعالى (٦).


(١) أي: في التفسير.
(٢) مقدمة الجامع لأحكام القرآن (١/ ٧١).
(٣) الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق (٥/ ٢٠٦).
(٤) المرجع السابق (٦/ ٢١٤).
(٥) جامع البيان، مرجع سابق (٧/ ١٢٣).
(٦) الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق (٥/ ٢٣٦).

<<  <   >  >>