للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكذلك الأمْر بِالنِّسْبَة لِمَا يَنقُلُه عن ابن العربي، فيَذْكُره تَارَة، ويُغْفِل ذِكْرَه تَارَة أُخْرَى.

فقد نَقَل عن ابن العربي بعض آرَائه الفِقْهِيَّة، حيث نَقَل عنه قَوله في تَوجِيه صَلاته صلى الله عليه وسلم على "النَّجَاشي".

قال ابن العربي: والذي عِندي في صَلاة النبي صلى الله عليه وسلم على النَّجَاشي أنه عَلِم أنَّ النَّجاشي ومَن آمَن مَعه ليس عِنْدهم مِنْ سُنَّة الصَّلاة على الْمَيِّت أثَر، فَعَلِم أنّهم سَيَدفُنونه بِغَير صَلاة، فَبَادَر إلى الصَّلاة عليه (١).

ونَقَل القرطبي عن ابن العربي بَعض أقْوَاله في تَصْحِيح وتَضْعِيف الأحَادِيث، فقد ذَكَر "مَعْنَى (آمين) عند أكْثَر أهْل العِلْم" … ونَقَل عن "قَوْم: هو اسْم مِنْ أسماء الله.

رُوي عن جعفر بن محمد ومجاهد وهلال بن يساف. ورواه ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم. ولم يَصِحّ. قاله ابن العربي" (٢).

كما حَكى عنه بعض اخْتِيَارَاته في القِرَاءات ووُجُوه التَّرْجِيح. فقد ذَكَر قول أبي حَاتم: إن "مَالِكًا" (٣) أبْلَغ في مَدْح الْخَالق مِنْ مَلِك، ومَلِك أبْلَغ في مَدْح الْمَخْلُوقِين مِنْ مَالِك، والفَرْق بَينهما أنَّ الْمَالِك مِنْ الْمَخْلُوقِين قد يَكُون غَير مَلِك، وإذا كان الله تعالى مالِكًا كان مَلِكًا، واخْتَار هذا القول القاضي أبو بكر بن العربي، وذَكَر ثَلاثَة أوْجُه … (٤).

ومع إفَادة القرطبي مِنْ ابن العربي، ونَعْتِه له بِالقَاضي، وتَكنِيَتِه له، واتِّفاقِهما في الْمَذْهُب، إلَّا أنَّ القرطبي لا يَتَوانَى عن مُنَاقَشة بَعض آرَاء ابن العربي، وَرَدّ مَا يَرِي أنه خالَف فيه الْجَادَّة.


(١) الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق (٢/ ٨٠).
(٢) المرجع السابق (١/ ١٧١) باختصار.
(٣) يَعْني: على قِرَاءة (مَالِك يَوْمِ الدِّين).
(٤) المرجع السابق (١/ ١٨٥، ١٨٦).

<<  <   >  >>