للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تلك صِفَة ثَابِتَة بالسَّمْع زَائدة على مَا تُوجِبه العُقُول مِنْ صِفَات القَدِيم (١) تَعالى.

قال ابن عطية: وضَعَّف أبو المعالي هذا القَوْل، وهو كَذلك ضَعِيف، وإنَّمَا الْمُرَاد وجُوده.

وقيل: الْمُرَاد بِالوَجْه هنا الْجِهَة التي وَجَّهَنا إليها، أي: القِبْلَة.

وقِيل: الوَجْه القَصْد (٢).

وهَذا تَأوِيل غَير مَرْضِيّ، فقد تأوَّل صِفَة الوجْه أيضًا في تَفْسِير قَوله تَعالى: (وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ) [الرحمن: ٢٧]، فإنه قال: فَالوَجْه عِبَارَة عن وُجُودِه وذَاتِه سُبْحَانه (٣).

بينما أثبَت صِفة الوَجْه في مَوَاضِع أُخَر، فَقَال في تَفْسِير قَوله تَعالى: (لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ) [ق: ٣٥]: وقال أنس وجابر: الْمَزِيد النَّظَر إلى وَجْه الله تَعالى بِلا كَيْف، وقد وَرَدَ ذلك في أخْبَار مَرْفُوعَة إلى النبي صلى الله عليه وسلم في قَوله تَعالى: (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ) [يونس: ٢٦] قال: الزِّيَادَة النَّظَر إلى وَجْه الله الكَرِيم (٤).

وقال في آخِر سُورة "الرحمن" مَا نَصّه: ولم يَخْتَلِف القُرَّاء في إجْرَاء النَّعْت على الوَجْه بالرَّفْع في أوَّل السُّورَة، وهو يَدُلّ على أنَّ الْمُرَاد بِه وَجْه الله الذي يَلْقَى الْمُؤمِنُون عِنْدَما يَنْظُرُون إليه فَيَسْتَبْشِرُون بِحُسْن الجزاء، وجَمِيل اللقَاء، وحُسْن العَطَاء (٥).

وأهْل السُّنَّة يُثبِتُون صِفَة الوَجْه لله تَبارك وتَعالى على مَا يَلِيق به جَلَّ جَلاله.


(١) "القديم" ليس من أسماء الله تعالى. "وقد أدخل المتكلمون في أسماء الله تعالى "القديم" وليس هو من الأسماء الحسنى، فإن "القديم" في لغة العرب - التي نزل بها القرآن - هو المتقدم على غيره. "شرح العقيدة الطحاوية، مرجع سابق (ص ٦٧) ط. وزارة الشؤون الإسلامية - الرياض.
(٢) الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق (٢/ ٨١).
(٣) المرجع السابق (١٧/ ١٤٣).
(٤) المرجع السابق (١٧/ ٢٢). وينظر لهذه المسألة: الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق (١٩/ ٩٦ وما بعدها)، و"شرح العقيدة الطحاوية"، مرجع سابق ص (١٥٣ وما بعدها) وبين إثبات الرؤية وإثبات الوجه تلازم.
(٥) الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق (١٧/ ١٦٧).

<<  <   >  >>