للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوّة حفظه وحدّة ذكائه

تميّز وليّ الدّين بقوة الحافظة، والذّكاء المفرط، والنّبوغ المبكّر، فقد أجمع المؤرّخون على أنّه من أحفظ أهل زمانه للحديث، وأتقنهم لروايته، وأعلمهم بأسانيده؛ وهذا ما أهّله للتّدريس والإفتاء في حياة والده وشيوخه، وهذا الذّكاء المتميّز هو الذي جعل والده يكتب له على بعض مسموعاته:

«أنّه سامع فيما حضره ببلاد الشّام» (١) لما رأى فيه من الفطنة الكثيرة مع كونه كان في السّنة الثّالثة من عمره! ، وقد جعله والده أيضا ثاني اثنين يرجع إليهما بعده في علم الحديث (٢) . ومن أجل هذا فقد وصفه السّخاويّ بقوله: «وكان في تقريره للعلم كأنّه خطيب: فصاحة، وطلاقة، وإعرابا.

بل لو رام شخص كتابة ذلك تمكّن منها إن كان سريعها» (٣) . وأثنى عليه ابن قاضي شهبة بقوله: «والجمع في حلقته متوفّر، وأكثر أيّامه يشتغل ويشغل. وتصنيفه ودروسه من محاسن الدّروس يجري فيها بدون تلعثم ولا توقّف» (٤) . وأشاد به تقيّ الدّين ابن فهد فقال: «وصار يزداد فضلا مع ذكائه وتواضعه. . .» (٥) . وقال السّخاويّ أيضا: «واستمر يترقّى لمزيد ذكائه حتّى ساد وأبدى، وأعاد» (٦) .

وغير ذلك من أقوال المؤرّخين التي تدلّ دلالة قاطعة على قوّة حفظه، وحدّة ذكائه، وتفوّقه على أقرانه.


(١) ذيل التقييد، الورقة ١٠٨ ب، والضوء اللامع: ١/ ٣٤١.
(٢) الضوء اللامع: ١/ ٣٤١ وقد جعل والده الأول ابن حجر العسقلاني المتوفى سنة ٨٥٢ هـ‍.
(٣) الضوء اللامع: ١/ ٣٤١.
(٤) طبقات الشافعية له، الورقة ١٥٣ أ-ب، والضوء اللامع: ١/ ٣٤١.
(٥) لحظ الألحاظ: ٢٨٧.
(٦) الضوء اللامع: ١/ ٣٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>