للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سنة ثمان وستّين وسبع مئة

فيها قتل الأمير الكبير سيف الدّين يلبغا الخاصّكيّ قتله مماليكه يوم

الأربعاء ثاني عشر ربيع الآخر.

وكان ملكا هماما، عالي الهمّة، كثير الإحسان إلى أهل العلم خصوصا وإلى النّاس عموما. وله صدقات وبرّ، لكنّه تنكّر في الآخر وساء خلقه وأساء إلى من حوله فكان سببا لهلاكه مع وقوعه في حقّ الإمام الشّافعيّ رحمه الله واجتماعه مع أهل مجلسه على ذلك؛ فرأى بعض الصّادقين الشّافعيّ في المنام قبل قتل يلبغا ومعه أعوان ومساحي وهو يقول: أذهب أخرّب الكبش (١) بيت يلبغا وشاع هذا المنام قبل كائنة يلبغا بمدّة، وخرّب الكبش خرابا لم يعمر بعده (٢) . وأمسك وزيره ابن قروينة (٣) وتوفّي في العشر الأخير من جمادى الآخرة بعد عقوبة


(١) الكبش أو مناظر الكبش، آثارها الآن على جبل يشكر بجوار الجامع الطولوني مشرفة على البركة التي تعرف اليوم (زمن المقريزي) ببركة قارون، أنشأها الملك الصالح نجم الدين أيوب في أعوام بضع وأربعين وست مئة، ثم اتخذت نزلا للملوك والأمراء، وقد سكنه الأمير يلبغا إلى أن قتل سنة ثمان وستين وسبع مئة. (المواعظ والاعتبار: ٢/ ١٣٣ - ١٣٤، باختصار).
(٢) انظر عن هذه الواقعة: السلوك للمقريزي، وتاريخ ابن قاضي شهبة، والنجوم الزاهرة، وبدائع الزهور، في حوادث سنة ٧٦٨ هـ‍، تجد معلومات كافية ومفصلة، حتى قال فيها ابن تغري بردي: «لا جرم أن الله سبحانه وتعالى عامل يلبغا هذا من جنس فعله بأستاذه الملك الناصر حسن فسلط عليه مماليكه فقتلوه كما قتل هو أستاذه الناصر حسنا، فالقصاص قريب والجزاء من جنس العمل. (النجوم الزاهرة: ١١/ ٤٠).
(٣) هو فخر الدين ماجد، له ترجمة في الدرر الكامنة: ٣/ ٣٦١، وبدائع الزهور: ١/ ٢/٦٤، وكتب التاريخ المدونة في الهامش السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>