للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

متين الدّيانة، شديد الورع، عظيم الزّهد، طارحا للتّكلّف متواضعا، قائما بالحقوق، كثير الزّيارة لأصحابه، كثير الإيثار والبرّ والإحسان، مجتهدا في إخفاء ذلك، كثير الحجّ والمجاورة؛ ترافق هو ووالدي على الخروج للمجاورة [٤٩ ب] في شهر (١) ربيع الأوّل سنة ثمان وستّين (٢) وكنت معهما وجميع عيال والدي قعودا (٣) بالمدينة، فأقاما بها مدّة أشهر ثم خرجا إلى مكّة، وكان لي منه حظّ كثير من الإحسان والملاطفة. وكان-مع هذه الأوصاف التي ذكرتها-كثير الانبساط حلو النّادرة فيه دعابة زائدة؛ حفظ عنه في ذلك أشياء لطيفة. وكان إماما في القراءآت مع طيب النّغمة وحسن الصّوت مصعقا في الخطباء له شعر في الذّروة فمن لطيفه ما أنشدنيه:

كيف ألهو ومشيبي وخطا ... وحمامي دبّ نحوي وخطا

أمسيت متصاب بالهوى ... ذاك والله ضلال وخطا

وبالجملة فهو من كملة الرّجال ولم يخلف بعده في مجموعه مثله، وكتب بخطّه «ألفيّة» (٤) والدي، وحضر تدريسها في تلك المجاورة عنده.

ومات بالقدس في ثامن عشر رمضان قاضيها الشّيخ الإمام تاج الدّين


= والمالكية. (المواعظ والاعتبار: ٢/ ٣٦٦ - ٣٦٧).
(١) «شهر» سقطت من ب.
(٢) تحرّفت في الأصل إلى: «ثمان وسبعين» وليس بشيء.
(٣) في الأصل: «قعداء» وأثبتنا صيغة ب.
(٤) هي ألفية العراقي في أصول الحديث-للإمام الحافظ زين الدين عبد الرحيم بن الحسين العراقي المتوفى سنة ٨٠٦ هـ‍-والد صاحب الكتاب-لخصها من مقدمة علوم الحديث لابن الصلاح. (كشف الظنون: ١/ ١٥٦، وذخائر التراث: ٢/ ٦٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>