للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وطلب الحديث بنفسه، ورحل إلى دمشق وغيرها. وتفقّه، ولازم الشّيوخ، وتزهّد، وتصوّف [١١١ أ] وحجّ، وجاور.

وحدّث بالحرمين، ومصر، والشّام، وبلاد العجم، اتّفق له ببلاد العجم أنّه اجتمع ببعض الرّواة بها فروى حديثا عن شخص عنه فقال له (١) : اسمعه منّي يعلو لك درجة فخجل ذلك الرّجل. كما وقع للجعابيّ (٢) مع الطّبرانيّ.

وكان رجلا (٣) صالحا، أمّارا بالمعروف، نهّاء عن المنكر، متقشّفا (٤) ، ملازما على طريقة السّلف، لا يكثر الإقامة ببلد، ولا ينقطع في الغالب إلى معلوم. وكان غالب إقامته بالحرمين. وولي في وقت مشيخة خانقاه بالقدس، ثمّ تركها، واستقرّ آخرا مجاورا (٥) بالمدينة النّبويّة؛ وولي بها


(١) في إنباء الغمر: ٢/ ٣١: «فقال له: أنا الفوي اسمعه مني يعلو سندك».
(٢) الجعابي: الحافظ المشهور أبو بكر محمد بن عمر بن محمد بن سليم التميمي المعروف بابن الجعابي قاضي الموصل المتوفى سنة ٣٥٥ هـ‍ (تاريخ بغداد: ٣/ ٢٦ - ٣١، وتذكرة الحفاظ: ٣/ ٩٢٥ - ٩٢٩، وطبقات الحفاظ للسيوطي: ٣٧٥ - ٣٧٦). أما الطبراني: فهو الإمام الحافظ أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير اللخميّ الشاميّ المتوفى سنة ٣٦٠ هـ‍ (المنتظم: ٧/ ٥٤، وتذكرة الحفاظ: ٣/ ٩١٢ - ٩١٧، وطبقات الحفاظ للسيوطي: ٣٧٢ - ٣٧٣). وأصل الحكاية: تذاكر الطبراني والجعابي بحضرة الوزير ابن العميد، فغلب الطبراني بكثرة حفظه، والجعابي بفطنته، حتى ارتفعت أصواتها، فقال الجعابي: عندي حديث ليس في الدنيا إلا عندي، فقال: هات، قال حدثنا أبو خليفة، حدّثنا سليمان بن أيوب، وحدّث بحديث. فقال الطبراني: أنا سليمان بن أيّوب، ومني سمعه أبو خليفة فاسمعه مني عاليا، فخجل الجعابي. (طبقات الحفاظ للسيوطي: ٣٧٣).
(٣) «رجلا» سقطت من ب.
(٤) تحرّفت في الأصل إلى: «متعشقا» وهو خطأ.
(٥) في الأصل: «يجاور» وأثبتنا صيغة ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>