للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثمّ عاود الرّحلة إلى الشّام ثانيا، وذلك بعد سنة ثمانين وسبع مئة بصحبة رفيق والده وصديقه الحميم الحافظ نور الدّين الهيثميّ (١) ، وعند وصولهما الشّام كانت تلك الطّبقة من العلماء التي سمع عليها أوّل مرّة -أعني سنة ٧٦٥ هـ‍-قد اختارهم الله تعالى إلى جواره فأخذ عن الموجودين من علماء دمشق منهم الحافظ أبو بكر ابن المحبّ (٢) وناصر الدّين ابن حمزة (٣) وغيرهما.

وفي سنة اثنتين وعشرين وثمان مئة رحل وليّ الدّين إلى مكّة المكرّمة لأداء فريضة الحجّ؛ ولكنّه كان في هذه الرّحلة أستاذا لا طالبا، كما هو شأنه في الرّحلات السّابقة، فقد كان في قمّة نضوجه الفكري والعلمي فأملى في مكّة المكرّمة والمدينة النبويّة عدّة مجالس حضرها جمع كبير من العلماء والطّلبة.

وفي الحقيقة أن الإمام وليّ الدين من العلماء الذين عرفوا بكثرة السّماع والشّيوخ والاختلاف إلى دور العلم وحلقات الدّروس، وما أصدق ما وصفه به السّخاويّ حين قال: «وأخذ عمّن دبّ ودرج» من حيث كثرة المسموعات والشّيوخ، إلاّ أنّه في الوقت نفسه لازم وليّ الدّين عددا من


= المتوفى سنة ٧٦٩ هـ‍ (طبقات الشافعية للإسنوي: ٢/ ٢٣٩ - ٢٤٠، وغاية النهاية: ١/ ٤٢٨، والسلوك: ٣/ ١/١٦٥).
(١) الحافظ نور الدّين أبو الحسن عليّ بن أبي بكر بن سليمان بن عمر الهيثميّ المتوفى سنة ٨٠٧ هـ‍ (إنباء الغمر: ٢/ ٣٠٧، وطبقات الحفاظ: ٥٤١).
(٢) الحافظ شمس الدين أبو بكر محمّد بن عبد الله بن أحمد بن عبد الله المقدسيّ الحنبليّ المتوفى سنة ٧٨٩ هـ‍ (غاية النهاية: ٢/ ١٧٤، وإنباء الغمر: ١/ ٣٤٣، وطبقات الحفاظ: ٥٣٥).
(٣) الحافظ ناصر الدّين أبو عبد الله محمّد بن عبد الرّحمن بن محمد بن أحمد بن سليمان بن حمزة المقدسيّ الصّالحيّ المتوفى سنة ٨٠٣ هـ‍ (إنباء الغمر: ٤/ ٣٢٥ - ٣٢٦، والضوء اللامع: ٧/ ٣٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>