إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ ثُمَّ يُخْبِرُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهَا بِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ الْأَجَلَ وَذَلِكَ غِشٌّ وَهَذَا عَامٌّ فِي الْعَطَّارِ وَفِيمَنْ قَبْلَهُ وَمَنْ سَيَأْتِي بَعْدُ فَلْيَحْذَرْ مِنْهُ.
وَمِنْ ذَلِكَ مَا يَفْعَلُهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّهُ يَشْتَرِي السِّلْعَةَ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ حَالًّا أَوْ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ ثُمَّ يُمَاكِسُهُ أَوْ يَسْأَلُهُ التَّأْخِيرَ عَنْ الْأَجَلِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْبَزَّازِ وَلَيْسَ ذَلِكَ خَاصًّا بِهِ.
وَمِنْ ذَلِكَ مَا يَفْعَلُهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّهُ يَطْرَحُ عَلَى وَزْنِ الْخَيْشَةِ مَا هُوَ أَكْثَرُ مِنْ وَزْنِهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي التَّاجِرِ الْمُسَافِرِ.
وَمِنْ ذَلِكَ مَا يَفْعَلُهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّهُ يَشْتَرِي السِّلْعَةَ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَيَتَعَيَّنُ ذَلِكَ الثَّمَنُ فِي ذِمَّتِهِ ثُمَّ إنَّهُ يُعْطِي الْبَائِعَ عَمَّا تَرَتَّبَ فِي ذِمَّتِهِ مِنْ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ أَوْ عَنْ بَعْضِهَا فُلُوسًا فِيهَا زَيْفٌ يَكْرَهُهَا الْبَائِعُ. اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَرْغَبَ الْبَائِعُ فِي ذَلِكَ فَلَا بَأْسَ بِهِ.
وَمِنْ ذَلِكَ مَا يَفْعَلُهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّهُ يَشْتَرِي السِّلْعَةَ مِمَّنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ اغْتَصَبَهَا بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْغَصْبِ مِثْلَ السَّرِقَةِ وَالْخِلْسَةِ وَالْمُصَادَرَةِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ وَتَخْتَلِفُ أَحْوَالُهُمْ فِي ثَمَنِهَا فَإِنْ كَانَتْ عَلَى يَدِ ظَالِمٍ زَادُوهُ فِي ثَمَنِهَا لِيَتَّخِذُوا عِنْدَهُ يَدًا بِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ فِي يَدِ غَيْرِهِ مِنْ السَّارِقِ وَالْمُخْتَلِسِ نَقَصُوهُ مِنْ ثَمَنِهَا النَّقْصَ الْكُلِّيَّ وَذَلِكَ كُلُّهُ مُحَرَّمٌ إذْ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْغَاصِبِ وَالْمُشْتَرِي لَهَا وَهُوَ يَعْلَمُ أَمْرَهَا؛ لِأَنَّ مَنْ أَعَانَ عَلَى فِعْلِ الْمَعْصِيَةِ فَهُوَ كَفَاعِلِهَا.
وَمِنْ ذَلِكَ مَا يَفْعَلُهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّهُ يَتَوَلَّى بَيْعَ السِّلَعِ الَّتِي اغْتَصَبَهَا الْغَاصِبُ فَيَخْدِمُهُ فِي بَيْعِهَا لِغَيْرِهِ وَذَلِكَ أَيْضًا مُحَرَّمٌ لَا يَجُوزُ وَهُوَ مُلْحَقٌ بِالْقِسْمِ الَّذِي قَبْلَهُ، إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ بَيْعِهِ لَهُ وَشِرَائِهِ مِنْهُ، وَلَوْ سَلِمَ النَّاسُ مِمَّنْ يَفْعَلُ مِثْلَ هَذَا وَمِمَّنْ يُعِينُ الظَّلَمَةَ لَقَلَّ الْغَصْبُ وَقَلَّتْ الْمَفَاسِدُ وَلَكِنْ بِإِعَانَةِ هَذَا وَأَمْثَالِهِ كَثُرَ الظُّلْمُ وَفَشَا؛ فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ.
[فَصْلٌ السَّمَاسِرَةُ]
(فَصْلٌ)
وَأَمَّا السَّمَاسِرَةُ فَبَعْضُهُمْ فِي هَذَا الْبَابِ أَقْوَى وَأَكْثَرُ غِشًّا بِالْقَوْلِ مِنْ أَصْحَابِ السِّلَعِ وَقَدْ يَسْلَمُ بَعْضُهُمْ مِنْ ذَلِكَ لَكِنْ يَطَّلِعُونَ عَلَى مَا فِي السِّلْعَةِ مِنْ الْغِشِّ فَيَبِيعُونَهَا لِلْمُشْتَرِي وَيُزَيِّنُونَهَا فِي عَيْنِهِ، وَلَا يُبَيِّنُونَ لَهُ مَا فِيهَا مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute